تركيا ترفع الحدّ الأدنى للأجور للمرة الثالثة هذه السنة لاحتواء التضخم

تاريخ النشر
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان-تصوير وكالات

أنقرة-أخبار المال والأعمال- أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس، رفع الحد الأدنى للأجور في البلاد للمرة الثالثة هذه السنة، في مسعى إلى احتواء الارتفاع الشديد في أسعار الاستهلاك، وذلك قبل انتخابات في غاية الأهمية.

ويعيش أكثر من 40% من الأتراك بالحد الأدنى للأجور.

وصل إردوغان إلى السلطة قبل حوالى عقدين من الزمن بعد أن نال تأييد الفئات العاملة. وهو بحاجة إلى هذا الدعم مجدّدا لضمان إعادة انتخابه في حزيران/يونيو المقبل.

غير أن فقراء تركيا كانوا الأكثر تأثّرا بتداعيات الأزمة الاقتصادية التي رفعت معدّل التضخّم السنوي إلى قرابة 85% وفق الأرقام الرسمية.

وأعلن إردوغان الخميس أن الحدّ الأدنى للأجور الشهرية الصافية سيرفع إلى 8500 ليرة تركية (حوالى 455 دولارا) اعتبارا من الأول من كانون الثاني/يناير المقبل.

وكان الحد الأدنى للأجور يبلغ 2826 ليرة تركية نهاية كانون الأول/ديسمبر 2021.

ورفع إلى 4253 ليرة تركية في كانون الثاني/يناير ثم إلى 5500 في تموز/يوليو وهو مستوى غير كاف للعيش في المدن الكبرى مثل اسطنبول.

لكن مع انخفاض قيمة الليرة التركية بفعل هذا القرار، لن تشهد الأجور سوى ارتفاع بسيط بالدولار مقارنة بالعام الماضي.

- "وضع غير مستدام" -

اندلعت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في تركيا عندما قام إردوغان الذي لطالما كان يعارض أسعار الفائدة المرتفعة بالضغط على المصرف المركزي بغية خفض الارتفاع الشديد في أسعار الاستهلاك من خلال خفض تكاليف الاقتراض.

وتقوم التوصيات الاقتصادية التقليدية على دفع صناع السياسات إلى لجم التضخّم من خلال احتواء الطلب ورفع تكلفة الأعمال من خلال رفع أسعار الفائدة.

وتسببت مقاربة إردوغان للوضع بأزمة سعر صرف أدّت إلى فقدان الليرة التركية قرابة نصف قيمتها في خلال أسابيع السنة الماضية.

وقضى ردّ الحكومة بإنفاق الاحتياطي على تدابير لدعم العملة الوطنية وفرض قواعد اقتصادية معقّدة لاحتواء التضخّم.

وتعهّد إردوغان الخميس بخفض التضخّم إلى 20% بحلول نهاية العام المقبل.

وهو قال في خطاب متلفز "سنشهد تراجعا سريعا لنسب التضخّم اعتبارا من هذا الشهر".

ويتوقع محللون أن يبدأ التضخّم بالانخفاض انخفاضا حادا، إذ إن البيانات ستقارن بأخرى تمتدّ على 12 شهرا سابقا عندما كانت الأسعار تشهد ارتفاعا جنونيا.

لكنهم يرون أنه سيبقى مرتفعا إلى حدّ بعيد إلى أن يسير إردوغان في المسار المعاكس أو تلتزم الحكومة الجديدة بالانضباط المالي.

وكانت النقابات تطالب برفع الحد الأدنى للأجور إلى 9500 ليرة تركية في الشهر إلا أن رئيس البلاد أشار إلى أنه تعذر التوصل إلى اتفاق.

وأوضح إردوغان "بعد سلسلة من اللقاءات لم يتوصل الموظفون وأصحاب العمل إلى اتفاق على المبلغ" معتبرا أن "التسوية معقولة".

ولم تصدر عن المصرف المركزي الخميس أيّ بادرة للمساومة مع إبقاء أسعار الفائدة المرجعية بحدود 9%.

ويعني معدّل التضخّم الرسمي في تركيا بواقع 84,39% أن البنوك تخسر 75,39% من قيمة القروض إذا ما أقرضت أموالا على سنة بسعر الفائدة الرسمي.

وقد يؤدّي هذا الوضع إلى تقويض الإقراض وإبطاء النموّ الاقتصادي.

وكتب نيكولاس فار من مجموعة "Capital Economics" في مذكّرة إلى العملاء "سيستمرّ تباطؤ النموّ الاقتصادي في النصف الأول من العام المقبل ومن الوارد جدّا أن يضغط الرئيس إردوغان (على البنك المركزي) لتليين سياسته بعد أكثر قبل انتخابات العام المقبل".

واعتبر فار أن الضغوطات لدفع المصدّرين الأتراك إلى بيع دولاراتهم "وعملاتهم الأجنبية ساعدت في ضمان استقرار العملة في الأشهر الأخيرة، لكن الوضع غير مستدام ونتوقّع انخفاضا للعملة بنحو 20% في مقابل الدولار بحلول نهاية 2023".