صحيفة: الأزمة المالية للسلطة تهدد الخطط الأميركية لغزة

تاريخ النشر
الرئيس محمود عباس يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أواخر كانون الثاني/يناير الماضي-تصوير وكالات

واشنطن-أخبار المال والأعمال- قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن قلقا يسود داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من انهيار مالي وشيك للسلطة الفلسطينية، بسبب وقف التمويل الأميركي لها من قبل الكونغرس، وكذلك حجز إسرائيل عائدات الضرائب "المقاصة" الفلسطينية، وبالتالي فإن هذا الانهيار يهدد الخطط الأميركية لغزة ما بعد الحرب، والتي تقوم في الأساس على تولي السلطة المهمة هناك.

وينقل التقرير، الذي أعدته محررة شؤون الأمن القومي بالصحيفة فيفيان سلامة، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الإدارة تحاول الالتفاف على قانون يمنعها من المساهمة بشكل مباشر في السلطة الفلسطينية، بينما تحث الحلفاء أيضًا على تقديم المزيد للسلطة.

وقال المسؤولون الأميركيون إن المسؤولين الفلسطينيين حذروا من أن الأموال اللازمة لدفع الرواتب وتقديم الخدمات الحكومية الأساسية قد تنفد بحلول أواخر شباط/فبراير الجاري.

وذكروا أن الانهيار المالي المحتمل للسلطة يهدد آمال الولايات المتحدة في أن تكون السلطة قادرة على حكم غزة عندما تنتهي حرب إسرائيل على القطاع.

وقالت الصحيفة إنه في وقت مبكر من الحرب في غزة، اختارت الولايات المتحدة الاعتماد على "سلطة فلسطينية منشطة ومحدثة" باعتبارها الخيار الأفضل، إن لم يكن الخيار الوحيد، لما وصفته بـ"اليوم التالي" لانتهاء الحرب.

وقال المسؤولون الأميركيون إنهم يشعرون بالقلق من أنه دون زيادة الإيرادات، لن تكون السلطة الفلسطينية مستقرة بما يكفي للحفاظ على قبضتها على السلطة في الضفة الغربية، ناهيك عن أن تكون في وضع يسمح لها بالاضطلاع بدور موسع.

كما أن المحنة المالية التي تواجهها السلطة تحد من قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الشاملة التي تقول الولايات المتحدة إنها ضرورية لتأمين الدعم من إسرائيل ومن الجمهور الفلسطيني، بحسب التحليل.

وقف إسرائيل لتسليم الضرائب للسلطة

وذكّر التقرير أنه في تشرين الأول/أكتوبر، أوقف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في البداية تسليم جميع عائدات الضرائب، التي كانت تحول شهريا إلى السلطة الفلسطينية في انتظار موافقة الوزارة.

واختارت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك تعليق الإيرادات المخصصة لموظفي السلطة الفلسطينية في غزة فقط، قائلة إن الأموال تذهب إلى جيوب نشطاء "حماس".

وردا على ذلك، قالت السلطة الفلسطينية إنها لن تقبل أي تحويلات جزئية للإيرادات. وتدفع السلطة رواتب نحو 150 ألف موظف في القطاع العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب تقديراتها الرسمية.

وفي كانون الأول/ديسمبر، طلب بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبول اقتراح بتحويل عائدات الضرائب المجمدة إلى النرويج لحفظها حتى يتم التوصل إلى ترتيب من شأنه أن يخفف مخاوف إسرائيل من أن الأموال ستمول "حماس"، وفقًا لمسؤولين أميركيين.

وقالت الحكومة الإسرائيلية في كانون الثاني/يناير إنها وافقت على الخطة، لكن مسؤولين أميركيين وأوروبيين وفلسطينيين قالوا إنه لا تزال هناك بعض النقاط الشائكة.

ما تخشاه إدارة بايدن

وبحسب التقرير يقول المسؤولون الأميركيون إنه إذا نفدت أموال السلطة، فإنها ستكون عرضة للجماعات التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر تطرفًا وتعارض التسوية.

ويقول المسؤولون إن الوضع الأمني المتدهور في الضفة الغربية قد يثقل كاهلها، وسط تزايد الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمسلحين الفلسطينيين، فضلا عن هجمات المستوطنين المتطرفين.

وقال مسؤول فلسطيني كبير إن السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية منذ عام 2020.

وأضاف أن وزارة المالية الفلسطينية تعمل في ظل "الموازنة الأكثر تقييدا، وهو السيناريو الأسوأ، حيث تدفع جزءا من رواتب الموظفين العموميين وتحاول سداد أجزاء من الديون السابقة".

وأضاف أنه يأمل أن يؤدي الضغط الدولي إلى تحويل سريع للأموال.

 الكونغرس وقدرات واشنطن

ووفق التقرير فإن قدرات واشنطن في تمويل السلطة الفلسطينية باتت محدودة منذ إقرار "قانون تايلور فورس" في الكونغرس عام 2018، والذي علق المساعدة الاقتصادية الثنائية الأميركية للسلطة الفلسطينية بسبب اتهامها بتقديم المدفوعات للفلسطينيين الذين تتهمهم واشنطن وتل أبيب بالإرهاب وأقاربهم.

وفي نفس العام، وجه الرئيس السابق دونالد ترامب وزارة الخارجية بسحب 200 مليون دولار من المساعدات التي كانت مخططة أصلاً لبرامج في الضفة الغربية وغزة، بعد مراجعة المساعدة الأميركية للسلطة الفلسطينية.

وتراجع بايدن عن هذه الخطوة بعد وقت قصير من توليه منصبه، وأعاد الكثير من المساعدات، التي لا تخضع لحظر "قانون تايلور فورس" على المساعدة المباشرة.

ويشير التقرير إلى استمرار المقاومة داخل الكونغرس لإعادة تمويل السلطة الفلسطينية.

ففي كانون الثاني/يناير الماضي، وبينما كان الكونغرس يتصارع بشأن حزمة المساعدات الخارجية التي أقرها مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي، وصف زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، السلطة الفلسطينية بأنها "فاسدة بلا هوادة وبشكل كامل"، واعترض على تضمين تمويل المساعدات الفلسطينية.

ووصف بعض المشرعين الأميركيين الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بأنها طرق محتملة للتحايل على قيود "قانون تايلور فورس".

ماذا عن الاتحاد الأوروبي؟

وينوه التقرير إلى أنه في نفس الوقت، يبدو من غير المرجح أن يقوم حلفاء الولايات المتحدة في الاتحاد الأوروبي بتعزيز الدعم المالي للسلطة الفلسطينية.

ويذكر أن الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سفين كوبمانز،  قال في مقابلة "يقوم الاتحاد الأوروبي بالفعل بالكثير، لكنني لا أرى أننا على وشك زيادة دعمنا ماليًا".

وأضاف كوبمانز أنه في حين أن السلطة الفلسطينية غالبا ما تتعرض لانتقادات بشأن قضايا من بينها الفساد، فهي "شريك أساسي وعلينا أن نقف إلى جانبهم ونشجعهم أيضًا كثيرًا على الإصلاح ونحن نساعدهم في ذلك".

وتابع: "إذا انهارت السلطة الفلسطينية لأي سبب من الأسباب، فستكون كارثة على الوضع الأمني، على الفلسطينيين، وعلى الإسرائيليين، وعلى المنطقة ككل".