"ماس" يرصد أثر العدوان على الاقتصاد والصحة والتعليم في القدس

تاريخ النشر
البلدة القديمة في القدس المحتلة-أرشيف وكالات

رام الله-أخبار المال والأعمال- أصدر معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) الملخص التاسع ضمن سلسلة أصدرها المعهد بدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي منذ بدء العدوان.

ويستعرض هذا الملخص تصعيد حكومة الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة اعتداءاتها وقيودها على السكان المقدسيين، بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

فبينما ينشغل العالم بأخبار ومشاهد المجازر والإبادة الجماعية التي تمارسها آلتها الحربية على قطاع غزة، تُسَرِع حكومة الاحتلال من تنفيذ مخططاتها لكسر صمود المقدسيين وتطويعهم سياسيا واقتصاديا.

ويبين هذا الملخص أبرز التضييقات والتداعيات السلبية على النشاط الاقتصادي في مدينة القدس، وعلى قطاعي الصحة والتعليم خلال فترة العدوان على قطاع غزة.

النشاط الاقتصادي

تشير المعطيات الأولية إلى انخفاض مهول في حجم التبادلات التجارية والحركة الشرائية داخل المدينة بفعل الإجراءات الإسرائيلية، والتي بدورها كبدت المنشآت الاقتصادية الفلسطينية في المدينة خسائر فادحة وبشكل خاص المنشآت التجارية والسياحية وقطاع النقل والمواصلات، خاصة تلك التي تعتمد على السياحة الوافدة، مما دفع غالبية المنشآت الاقتصادية في البلدة القديمة إلى التوقف التام أو شبه التام عن العمل (تصل تقديرات ماس نحو 80%)، باستثناء المنشآت التي تعمل في نشاط تجارة التجزئة لخدمة مواطني البلدة القديمة فقط.

ومع الانقطاع عن مدينة رام الله المجاورة وخدماتها المختلفة، أصبحت بلدة بيت حنينا الوجهة المفضلة للمقدسيين، وكذلك لفلسطينيي الداخل للتسوق، عوضا عن البلدة القديمة في القدس، أو مدن الضفة الغربية، خاصة بعد العدوان على غزة.

كما ساهمت القيود الإسرائيلية وانخفاض تدفق حركة السياحة الخارجية بفعل العدوان على غزة في انخفاض كبير في نسب إشغال الغرف في فنادق المدينة، إضافة إلى إلغاء عدد كبير من حجوزات السياح في فنادق القدس الشرقية، واقتصار الحجوزات داخل الفنادق على الصحفيين، ما أدى إلى خسائر كبيرة للقطاع الفندقي، وتسريح للعاملين، وربما قد يدفع استمرار سوء الأوضاع مستقبلا بعض الفنادق إلى الإغلاق.

من جانب آخر، أفادت المقابلات بأن القطاع الصناعي في المدينة تضرر أيضا نتيجة عدم وصول المواد الأولية من الضفة الغربية بفعل المعيقات والحواجز الإسرائيلية.

وكان قطاع البناء والترميم في المدينة هو الآخر من القطاعات المتضررة من القيود الإسرائيلية المفروضة على تدفق العمالة الفلسطينية من الضفة، نظرا لاعتماده شبه التام على اليد العاملة الفلسطينية من خارج المدينة.

كما يبين الملخص أنه من المتوقع أن تؤدي إعاقة حركة المقدسيين باتجاه مدن الضفة الغربية إلى تراجع في حجم مشتريات المقدسيين منها، فعلى افتراض انخفاض حركة المتسوقين من داخل مدينة القدس إلى الضفة الغربية بحوالي 50% على الأقل بفعل قيود الاحتلال والوضع الأمني، فإن من شأن ذلك أن يكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تقدر بحوالي 72 مليون شيقل شهريا (863 مليون شيقل سنويا) من استهلاك السلع المعمرة وغير المعمرة.

يشير الملخص إلى أن توسع حملة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية داخل صفوف المقدسيين، والذي يقابله زيادة في الطلب على البضائع فلسطينية المنشأ، من شأنه أن يشكّل رافعة اقتصادية تربط بين القدس الشرقية المحاصرة وبقية الضفة المحتلة، يمكن البناء عليها إن تم استغلالها على النحو الأمثل.

قطاع الصحة في القدس الشرقية

خلال العدوان الحالي على قطع غزة والضفة الغربية، تدنت أعداد المرضى المحوّلين إلى مستشفيات القدس بشكل كبير من الضفة الغربية مع منع تام لسكان غزة من الخروج للعلاج في مستشفيات المدينة باستثناء من تواجد هناك ولم يستطع العودة إلى قطاع غزة، كما تم طرد كافة المرافقين وترحيلهم إلى قطاع غزة.

يفاقم ذلك من الواقع الصحي الخطير لمرضى القطاع خاصة في ظل الاستهداف المستمر والمباشر للمستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة. ما يعني انخفاض دخل مستشفيات القدس والتي كانت قد تجهزت لاستقبال جرحى العدوان وعلاجهم.

بحسب ما ورد من بيانات من مستشفى المقاصد، فقد انخفضت فاتورتها الشهرية من 9 مليون شيقل في أيلول/سبتمبر (ما قبل العدوان) إلى ما يقارب 4 مليون شيقل في تشرين الثاني/أكتوبر، وهو ما قد ينعكس بشكل أكبر على المستشفيات الأخرى كمستشفى المطلع كونها تستقبل أعدادا أكبر من المرضى من قطاع غزة.

لا يزال الأثر طويل المدى غير واضح إلى الآن حيث أنه من غير المعلوم إلى متى سيستمر العدوان على قطاع غزة، وكيف ستكون الإجراءات المتبعة من حكومة الاحتلال عند انتهاءه بالنسبة لتنقل المرضى والأطباء والطواقم الطبية المختلفة.

قطاع التعليم في القدس الشرقية

شهد قطاع التعليم العربي المزيد من التضييقات، حيث منع الاحتلال الإسرائيلي المعلمين/ات والطلبة من الوصول إلى المدارس داخل القدس.

كذلك، إن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية نتيجة رفض حكومة الاحتلال اليمينية تحويل أموال المقاصة تجعلها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها في القطاع العام. وهو سبب آخر يمنع الموظفين من الوصول إلى أماكن عملهم في مدارس المدينة، بالتالي تعطل العملية التعليمية وخسارة الطلبة المقدسيين لأيام دراسية أكبر. وهو ما يلقي بأعباء أكبر على معركة التعليم العربي في القدس.

كما وصلت ملاحقات الاحتلال إلى أوجها في المدارس التابعة لبلدية الاحتلال في القدس خلال فترة العدوان على غزة، حيث شهدت العديد من المدراس مداهمات من جيش الاحتلال تعرض خلالها المعلمون/ات والطلبة للاستجواب وتفتيش هواتفهم. إضافة إلى تشديد الرقابة على المنهاج الدراسي في المدارس التابعة لبلدية الاحتلال ومنع أي تطرق للمحتوى الفلسطيني. وهذا حد بشكل كبير من المواد التدريسية التي تتسم بروح وطنية والتي كان بالإمكان تدريسها سابقا وإن بالخفاء عن عيون سلطات الاحتلال.

كذلك ارتفعت وتيرة التشديدات العقابية الإسرائيلية على الأطفال والشباب، حيث أن أي طفل مقدسي يتعرض للاعتقال يمنع من استكمال تعليمه والعودة إلى مقعده الدراسي وهو ما من شأنه أن يخلق خوف وقلق بين الطلاب والأهالي.

ولا تزال الآثار السلبية لهذه الظواهر الطارئة غير مرصودة بدقة خاصة فيما يتعلق بعدد المتسربين من المدرسة.