هل الجهاز المصرفي الفلسطيني بمنأى عن أزمة إفلاس بنوك أميركية؟

تاريخ النشر

رام الله-(الحياة الجديدة)- أكد محافظ سلطة النقد الفلسطينية د. فراس ملحم أن البنوك العاملة في فلسطين بمنأى عن أي أثر مباشر أو غير مباشر لأزمة انهيار عدد من البنوك الأميركية، وأكد في تصريحات صحفية أن الفحص الأولي كشف أنه لا توجد للمصارف العاملة في فلسطين أو الشركات أية ودائع في البنوك الأميركية التي واجهت أزمة سيولة حادة ما تسبب في سيطرة الجهات الرقابية عليها حفاظا على أموال المودعين.

وخلال أسبوع واحد، أعلنت ثلاثة بنوك أميركية كبرى إفلاسها، فقد أعلنت السلطات الأميركية، الأحد الماضي، إفلاس بنك "سيجنتشر"، بعد أن أعلنت إفلاس كل من "سيلفرجيت كابيتال بنك" و"سيليكون فالي بنك".

وشدد ملحم على أن كافة المؤشرات المالية تدل على متانة الجهاز المصرفي، بسبب اتباع كلّ اجراءات التحوط للسيولة المالية، وتدني نسبة التعثر في التسهيلات المصرفية.

وأدت الأزمة في البنوك الاميركية إلى اضطرابات في اسواق المال العالمية، وجنوح المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، وإلى تدنٍ ملحوظ في أسعار النفط بسبب التخوفات من أزمة مالية عالمية.

وشهدت العملات التي تعد ملاذات آمنة مثل الدولار والين إقبالا وسط مخاوف من تعمق الأزمة، بعد انتقال تأثير انهيار بنك "سيليكون فالي" بالولايات المتحدة عبر المحيط الأطلسي إلى بنك "كريدي سويس" بسويسرا.

جمعية البنوك: لا ارتباطات مالية مع البنوك "المفلسة"

ويؤكد بشار ياسين مدير عام جمعية البنوك في فلسطين أنه لا يوجد أية تأثيرات تذكر لإفلاس بعض البنوك الأميركية على القطاع المصرفي الفلسطيني لأكثر من سبب، منها أنه لا يوجد للبنوك العاملة في فلسطين أية ودائع لدى البنوك التي انهارت، ولا كذلك أية ارتباطات مالية ومصرفية أخرى.

وأشار إلى أن معظم استثمارات البنوك العاملة في فلسطين عمليا تتم داخل السوق المحلية، عن طريق منح تسهيلات ائتمانية، لافتا إلى أن القطاع المصرفي يتمتع بمحفظة تسهيلات جيدة إذ تصل نسبة التسهيلات إلى الودائع إلى أكثر من 65%، بالإضافة إلى توفر سيولة عالية.

وبين ياسين أن التعثر لدى البنوك العاملة في فلسطين هي الأقل في المنطقة إذ تصل إلى حوالي 4% فقط وهي نسبة جيدة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن التوظيفات الخارجية للبنوك تجري وفق تقييمات وتعليمات سليمة تقرها سلطة النقد لضمان استقرار الجهاز المصرفي وحفظ حقوق المودعين.

يذكر أن ودائع العملاء في البنوك العاملة في فلسطين تصل إلى قرابة 16 مليار دولار بينما يصل حجم التسهيلات الممنوحة إلى قرابة 11 مليار دولار.

آثار مباشرة وغير مباشرة

يقول المحلل الاقتصادي الدكتور ثابت أبو الروس إن هناك آثارا مالية اقتصادية مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد العالمي نتيجة انهيار بنك "سيليكون فالي" الذي يحتل المرتبة السادسة عشرة بين أكبر البنوك الأميركية اقتصاديا، بأصول 210 مليارات دولار، وهو البنك الذي يعد مقرضا رئيسيا لشركات التكنولوجيا في وادي السيليكون.

وفيما يتعلق بالآثار المباشرة فحصرها في الولايات المتحدة الاميركية، حيث إنه يخلق حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار الاقتصادي نظرا لقوة البنك الذي انهار الذي يركز على الجوانب التكنولوجية والاستثمار في الشركات الناشئة إضافة الى حالة عدم اليقين لدى المستثمرين المستقبليين في الاستثمار لدى القطاع البنكي، اضافة الى الفئة التي كانت تطمح بأن تحصل على قروض من هذا البنك، لكنها الآن لن تستطيع الحصول على القروض نظرا لتوقف نشاطه البنكي.

اما غير المباشرة لانهيار البنوك الأميركية فتتمثل في تأثر جميع دول العالم نظرا لأنه هناك علاقة مباشرة بقضية القطاعات البنكية في دول العالم ونظرا لأنه سيكون هناك تشديدات جديدة لدى القطاعات البنكية، لأنها ستأخذ العبر والدروس من الأسباب التي أدت الى انهيار هذا البنك، وثانيا هناك العديد من الشركات العاملة في فلسطين التي تعمل بنظام العمل الهايتك والتكنولوجي والشركات الناشئة قد تتضرر نظرا لأنه من الممكن ألا يستطيع بنك سيلكون خلال هذه الفترة توفير الرواتب النقدية لثلاثة أشهر، فالشركات العاملة في العالم ستضطر لفصل الموظفين نتيجة عدم القدرة على دفع استحقاقاتهم ورواتبهم.

وحول امكانية نزول او ارتفاع سعر الدولار، يقول ابو الروس إن رفع سعر الفائدة على القروض يتعلق ببنك مستقل وهو البنك الفيدرالي الاميركي الذي كان أعلن انه سيكون هناك ارتفاعان جديدان بهدف كبح جناح التضخم.

أسعار صرف الدولار

ويعتقد ابو الروس على الصعيد الفلسطيني انه سيكون هناك ارتفاع بسعر صرف الدولار ولكن ليس لقوة الدولار، بل لضعف الشيقل، وبالتالي يؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار، وان كان هناك ارتفاع بسعر صرف الفائدة فسيكون هناك ارتفاع بسعر صرف الدولار والمؤشرات الحالية تشير الى إما حصول حالة ثبات في سعر صرف الدولار او ان يكون هناك ارتفاع في الفترة الحالية او في الفترة المستقبلية القريبة.

ويرجع سبب الانهيار إلى الأحداث الاقتصادية ونتيجة رفع أسعار الفائدة وحصول اختلال في الاقراض والاقتراض، ما سبب بدخول البنك في خسارة خلال 24 ساعة بلغت مليار و800 مليون دولار.

القطاع المصرفي الفلسطيني

ويستبعد أبو الروس امكانية أن يحصل في فلسطين ما جرى بالبنوك التي اعلنت افلاسها في الولايات المتحدة الأميركية، معللا السبب انه حسب التعليمات الصادرة عن سلطة النقد الفلسطينية. وتابع: "هناك رقابة على القطاع المالي الفلسطيني ومتانة وهو قائم على حالة من الاستقرار، وبناء عليه تقوم البنوك بالتحوط للخسارات المستقبلية او للظروف السياسية بشكل دائم وهناك ايضا في فلسطين ما يسمى ضمان أموال الودائع حيث إن أغلب البنوك منضمة إلى نظام ضمان الودائع، وبالتالي لا مخاطرة في الظروف الحالة على قضية البنوك الفلسطينية نظرا للحجم الصغير الذي يشكله الاقتصاد الفلسطيني ولما تشكله البنوك من حجم صغير مقارنة مع حجم البنوك الدولية، مشيرا الى ان البنك الذي انهار اصوله 209 مليارات دولار مقابل أن البنوك الفلسطينية جميعها لا تصل الى هذا الرقم، وبالتالي فلسطين لديها من المخاطرة السياسية والاقتصادية ولديها من التحوط المالي والملاءة المالية ومن نظام ضمان الودائع.

وحول امكانية حدوث انهيارات اخرى للبنوك في الولايات المتحدة الاميركية، يقول ابو الروس انه من الممكن ان يزيد عدد البنوك التي اعلنت افلاسها في اميركا ويمكن ان لا يحصل ذلك، فعندما انهار البنك الاول انهار البنك الثاني وهذا مؤشر خطير وممكن الا يحصل انهيارات اخرى لتدخل الخزانة الاميركية مباشرة في قضية حماية أموال الودائع، وفتح البنوك والسماح للمقترضين بسحب أموالهم اضافة الى أن أحد البنوك قام بشراء أصول بنك سيليكون فالي.

وتدخلت الحكومة الأميركية لتضمن إيداعات عملاء البنك التي تفوق 250 ألف دولار، ويشير ابو الروس الى ان هناك تواصلا على اعلى المستويات ممثلة في الادارة الاميركية وتدخل الرئيس الاميركي مباشرة وتدخل بريطانيا كدولة لمعالجة هذا الأثر لأنه في حال انتقل الى بنوك اخرى سيصيب العالم هزة اقتصادية كالتي حدثت في عام 2008.

وينوه إلى أنه عند حدوث أزمات اقتصادية يتجه المستثمرون للتحوط بالملاذات الآمنة كالذهب والدولار، وحاليا المستثمرون بعد هذه الأزمة توجهوا نحو الاستثمارات بالملاذات الآمنة وأولها الذهب وهو ما أدى الى ارتفاع اسعاره بفترة زمنية قصيرة.