رام الله-أخبار المال والأعمال- قال رئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين سمير حليلة إن قطاع الأوراق المالية الفلسطيني سطر العديد من النجاحات خلال السنوات الماضية بالتوازي مع القطاع المصرفي، رغم اختلاف الاهتمامات لدى شرائح المجتمع المختلفة والحاجة الملحة لاستخدام المنتجات المصرفية مقارنة بالمنتجات والخدمات التي يقدمها قطاع الأوراق المالية.
ولفت حليلة في مقابلة نشرتها مجلة "البنوك في فلسطين" الصادرة عن جمعية البنوك في فلسطين، إلى أن أهمية بورصة فلسطين لا تنبع تحديدا من مقدار الربح الذي تحققه، وإنما بالنظر إليها كمنصة وبوابة خاصة حملت الاقتصاد الفلسطيني إلى العالمية، فالشركات المدرجة هي الشركات الأكثر وضوحا للمستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، ومن الضروري بأن تظل البورصة مستمرة بفعالية وتعمل بحوكمة وشفافية عالية حتى يظل الاقتصاد الفلسطيني مكونا وجزءا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي.
وأكد أن التطوير هو عنوان المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنه سيسعى مع مجلس إدارة البورصة وموظفيها وكافة مكونات قطاع الأوراق المالية إلى الاستمرار في النهج التطويري وبشكل سريع، لتحقيق جملة من الأهداف التي وضعتها البورصة لنفسها خلال السنوات السابقة ومنها توفير خدمات للمستثمرين عبر بيئة إلكترونية سلسة وآمنة والتحليق لتكون عضوا فاعلا على المستويين الإقليمي والعالمي.
بلغت حصيلة أرباح الشركات المدرجة عن الشهور التسعة الأولى من عام 2022 بعد الضريبة 304 ملايين دولار بارتفاع نسبته 8% عن صافي الأرباح المحققة للفترة ذاتها من عام 2021، وفي هذا الشأن يشير حليلة إلى أنه لا يمكن النظر إلى إنجازات الشهور التسعة الأولى لهذا العام بمعزل عما حصل في الفترة ذاتها من العام الماضي الذي شهد تضاعفا في أغلب الأرقام الربحية من حيث الأداء وأحجام التداول، والذي شكل من وجهة نظرنا ارتدادا عن حالة الطوارئ التي سادت قبل تلك الفترة في مواجهة الجائحة (كورونا) التي أتت على أداء أغلب الشركات المدرجة وعمليات تشغيلها وعلى أداء السوق كذلك.
وأضاف: كما عودتنا الشركات المدرجة في السوق فإن عملية النمو هذه مستمرة من حيث التشغيل والمنتجات والأدوات والخدمات المقدمة في مختلف القطاعات وفق ما يطلبه السوق والحالة، وبرأي فإن أداء هذه الفترة والأرباح المحققة ليست بأرقام غريبة وهي في الوقت ذاته تؤكد على الحقيقة التي لطالما أشرنا لها بأن السوق الفلسطيني سوق واعد وخصب وقادر على التأقلم مع الظروف المختلفة، وهو بأغلب شركاته قادر على تحقيق النتائج التي يتطلع لها أغلب المستثمرين، بالتوازي مع قيمها السوقية التي سجلت هي الأخرى ارتفاعات متجانسة في الأداء وبالتالي انعكست على الأرباح الموزعة على المستثمرين.
وحول حجم التداول في بورصة فلسطين، أوضح حليلة أن حجم التداول مقارنة مع حجمها الذي يعتبر صغيرا نسبيا مع باقي بورصات الإقليم والعالم هو مناسب خاصة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن التداول من حيث الحجم والسيولة يرتبط بالمقام الأول بحجم البورصة وقيمتها السوقية ومن ثم بالثقافة العامة للاستثمار في الأوراق المالية.
وأضاف: "لا شك أننا ما نزال بحاجة لقطع أشواط طويلة في مجال التوعية الاستثمارية التي توليها البورصة اهتماما كبيرا منذ تأسيسها، حيث نسعى إلى تنفيذ البرامج التي تستهدف العديد من الشرائح المجتمعية كالطلاب والمعلمين، والمحامين والمهندسين وغيرهم".
وأشار إلى أن البورصة أطلقت في العام 2006 منصة خاصة بالتوعية الاستثمارية تهدف إلى الارتقاء وتطوير الوعي الاستثماري لدى جمهور المستثمرين في الأوراق المالية، من خلال أدوات متعددة مثل الندوات التثقيفية وورش العمل والدورات التدريبية، وإصدار الكتيبات ونشرات التوعية، وتنظيم الزيارات المدرسية والجامعية للبورصة، وتوطيد العلاقة مع المجتمع الأكاديمي من خلال أنشطة متنوعة، إضافة إلى منصات التواصل الاجتماعي التي باتت أكثر مرونة في الوصول إلى الشرائح المستهدفة.
وثمن جهود الفريق الوطني للشمول المالي الذي يسعى وبكل جدية إلى تعميم الخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية لمختلف الشرائح المجتمعية مع التركيز على النساء والمناطق المهمشة والطلاب.
وأضاف: أعتقد أننا ما زلنا نلاحظ ضعف مشاركة المستثمرين من المحافظات الجنوبية ومحافظة الخليل، ما يستدعي اهتماما خاصا منّا بالتوجه لمستثمري هذه المناطق، وبالتأكيد يجب فحص إمكانية مساهمة فلسطينيي الداخل الفلسطيني سواء في عملية الإدراج أو الاستثمار في البورصة الفلسطينية، وتعزيز دورها كحاضنة فلسطينية لمستثمري الوطن.
وأشار إلى توجه البورصة الحثيث لإيجاد آليات وطرف لجذب الشباب الفلسطيني للاستثمار في السوق المالي، كما يفعل بحماس في الاستثمار بالعملات الرقمية والبتكوين خارج إطار نظام الرقابة الرسمي، حيث إن تعزيز اهتمام الشباب بالاستثمار في السوق هو هدف أساسي نصبو له ونضع الخطط والبرامج لتكثيفه.
ولفت إلى أن البورصة الفلسطينية تبقى بوابة الاستثمار والذراع الأهم في استقطاب رأس المال الأجنبي، مؤكدا ضرورة التواصل بشكل مكثف مع مستثمري العالم من خلال العديد من القنوات كالجولات الترويجية والتواصل المباشر، بالإضافة إلى التواجد في المحافل الدولية، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب بنية تحتية وتكنولوجية منافسة لأسواق الإقليم والعالم.
وأكد أن بورصة فلسطين حققت تطورات وقفزة هائلة في هذا المجال من حيث عضويتها الكاملة في اتحاد البورصات العالمي WFE وهي كذلك تمتلك العضوية الكاملة في اتحاد البورصات الأوروبية الآسيوية واتحاد البورصات الإسلامية ووكالة الترميز الوطنية واتحاد أسواق المال العربية، كما أنها ضمن مؤشرات "فاينانشال تايمز" العالمية و"مورغان ستانلي".
ولفت إلى أن البورصة تعمل على توحيد الجهود المبذولة لتوعية المستثمر المحلي الذي يشكّل قيمة لا يستهان بها من السوق، مع الإشارة إلى أن قيمة الأوراق المالية المملوكة فلسطينيا مع نهاية تشرين الثاني 2022 وصلت إلى ما يقارب 3 مليارات دولار بنسبة تقارب 64%، أما بالنسبة لعدد المساهمين الفلسطينيين فقد بلغ 65,476 مساهما، بنسبة قاربت 93% متصدرين بذلك نسبة توزيع الملكيات حسب الجنسية، في حين أن الاستثمار غير الفلسطيني في البورصة قد بلغت قيمته 757 مليون سهم وعدد مساهمين 4,940 مساهما موزعين على جنسيات مختلفة.
وحول إطلاق البورصة لمؤشر "القدس الإسلامي"، أوضح حليلة أن إصدار المؤشر يأتي تنفيذا للخطة الاستراتيجية العامة لهيئة سوق رأس المال الفلسطينية (2021-2025)، والمتعلقة بتطوير نظام بيئي للخدمات المالية الإسلامية في فلسطين، والتي من ضمن أركانها إصدار ضوابط منظمة لمؤشر إسلامي يستند إلى المعيار الشرعي رقم (21) (الأوراق المالية-الأسهم والسندات) الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) ومقرها مملكة البحرين.
وأضاف: ما تطمح له الهيئة وبورصة فلسطين عبر إطلاق هذا المؤشر يتمثل في إيجاد منتج إسلامي يستهدف شريحة معينة من المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في هذا النوع من الشركات، وبالتالي عبر متابعتهم لهذا المؤشر فإن الأمور ستكون بالنسبة لهم واضحة بشكل أكبر وفق المعايير العالمية المستخدمة للتصنيف وفق الهيئة الشرعية التي وضعت هذه المعايير ووافقت عليها.
وتابع: تم الإعلان في حينه عن المعايير الدقيقة التي تستخدم لإدراج الشركات في هذا المؤشر والتي تراجع بشكل سنوي لضبط وتحديث هذه العينة وفق المعايير المعلنة، حيث إن الشركات المؤهلة لتكون ضمن مؤشر القدس الإسلامي هي الشركات التي لها هيئة شرعية ذات قرارات ملزمة، والشركات ذات النشاط المتوافق مع الشريعة الإسلامية والشركات ذات النشاط المختلط والتي توافق غاياتها الشريعة، ولكن لديها أنشطة لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية بشكل عرضي وذلك ضمن معايير معينة كعدم تجاوز إجمالي المبالغ المقترضة بالفائدة نسبة 30% من مجموع الموجودات وعدم تجاوز إجمالي المبالغ المستثمرة/المودعة بالفائدة نسبة 30% من مجموع الموجودات وعدم تجاوز الإيرادات غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية نسبة 5% من مجموع الإيرادات، وعدم تجاوز المصاريف غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية نسبة 5% من مجموع المصاريف.
ويستبعد من الإدراج بالمؤشر الشركات التي تعاني من التعثر أو الشك في استمراريتها أو الموقوفة عن التداول أو بصدد إجراء اندماج أو ما شابه.
وفي سياق متصل، أكد حليلة أن قطاع البنوك والخدمات المالية يشكل قيمة لا يستهان بها من قيمة بورصة فلسطين، حيث يحل في المرتبة الثانية من حيث القيمة السوقية بعد قطاع الخدمات بواقع 1.33 مليار دولار كما بتاريخ 30 تشرين الثاني 2022، فيما تبلغ القيمة السوقية لقطاع الخدمات ما يقارب 1.47 مليار دولار، ويأتي في المرتبة الثالثة قطاع الاستثمار بقيمة 1.23 مليار دولار. كما بلغت قيمة التداول على أسهم قطاع البنوك والخدمات المالية خلال الشهور الإحدى عشرة الأولى من العام 2022، ما يقارب 133 مليون دولار بحجم 77 مليون سهم تقريبا، وهو بالتالي يأتي في المرتبة الثانية بعد قطاع الاستثمار من حيث نشاطه في السوق من خلال 10,157 صفقة تقريبا.
وأعرب عن أمله أن تحافظ بورصة فلسطين على مكانتها المرموقة بين أسواق الإقليم والعالم من حيث الأنظمة والأدوات المستخدمة وشبكة علاقاتها المتنوعة، حيث تهدف مجمل الخطط الاستراتيجية لبورصة فلسطين لتفعيل دورها على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.
وهذا كله يأتي بالطبع ضمن الإطار القانوني الذي تكلفه هيئة سوق المال الفلسطينية وتلتزم به بورصة فلسطين وشركاتها المدرجة على درجة عالية من الشفافية والحوكمة الرشيدة التي من شأنها أن تضع بورصة فلسطين في مصاف أسواق المال وعلى خارطة الاستثمار العالمي. وسنعمل على تكثيف عمليات التوعية الاستثمارية والتواصل مع جمهور المستثمرين المحليين والأجانب مع التركيز على المناطق ذات التواجد الأقل من حيث الاستثمار في البورصة مثل الخليل وقطاع غزة، واستهداف منطقة جديدة واعدة مثل فلسطينيي الـ48.
وأكد على عديد المميزات التي يتمتع بها السوق المالي الفلسطيني، من خلال القانون والبيئة التنظيمية التي يدار بها السوق، وهو الأمر الذي يعزز بذلك الشفافية والثقة ما بين جمهور المتعاملين في بيئة إلكترونية بالكامل.