أزمة الشيكات المرتجعة تهدد بانهيار كبريات الشركات في غزة

تاريخ النشر
أزمة الشيكات المرتجعة تهدد بانهيار كبريات الشركات في غزة
صورة توضيحية-تصوير وكالات

غزة-الأيام-حامد جاد-باتت أزمة الشيكات المرتجعة "بدون رصيد" تهدّد أعمال واستمرارية نشاط كبريات الشركات العاملة في قطاع غزة، بعد أن عجزت تلك الشركات عن تحصيل ديونها المترتبة على زبائنها رغم اتباعها الإجراءات القانونية المفترض أن تلزم المدينين لها بسداد ديونهم.

إحدى تلك الشركات وقفت عاجزة عن اتخاذ أي اجراء يذكر رغم أن قيمة الشيكات المستحقة الدفع لها من قبل عملائها تقدر بنحو 14 مليون شيكل، مبينة انها فضلت عدم الاقدام على إيداع تلك الشيكات لدى النيابة العامة في غزة او استخدام الضمانات التي اتخذتها على هؤلاء الزبائن ومنها الضمانات المصرفية المتعلقة بتسييل أموال لسداد المستحقات المترتبة عليهم والحجز على ممتلكات تعود لهم.

واعتبرت ادارة الشركة في غزة أن عدم لجوئها لتلك الخيارات يعود لتمسكها بالحفاظ على استمرارية تعاملها مع زبائنها والإبقاء على تواجد شركاتهم في السوق المحلية، حيث إن انهيارها ووقف نشاطها لن يصيب في المحصلة النهائية بمصلحة الطرفين "الدائن والمدين".

وفي أحاديث منفصلة أجرتها "الايام" مع عدد من الشركات المهددة بالانهيار أشار هاني شمالي صاحب شركة شمالي لمواد البناء إلى أن قيمة الشيكات المرتجعة من زبائن شركته تقدر بخمسة ملايين شيكل، ما يشكل نسبة 95% من إجمالي الشيكات التي بحوزة شركته.
ولفت إلى أن شركته تعمل في مجال تسويق مختلف مواد البناء من الإسمنت والحصمة والبسكورس، إضافة إلى نشاطها "السابق" المتمثل بتسويق منتجات مصنع البلاط المملوك لها قبل أن تضطر قسراً لإغلاقه منذ ستة اشهر نتيجة الأزمة الاقتصادية الراهنة وما شهدته من تراجع حاد في مشاريع الاعمار.

وقال شمالي "قمنا بإعادة جدولة للديون المستحقة على بعض الزبائن ومنهم من اضطررنا للتعامل معه عبر النيابة العامة وقدمنا لها شيكاته المرتجعة، الا ان ما يعرف بإجراء تأجيل السداد من قبل النيابة لأكثر من شهر أتاح الفرصة لأحد المدينين لنا بمغادرة القطاع بعد أن استطاع تأجيل الدفع لعدة أشهر".

وفي هذا السياق حاولت "الأيام" التواصل مع مسؤول النيابة العامة في غزة المستشار ضياء المدهون لتوضيح آلية التعامل مع الشيكات المرتجعة، إلا أن المسؤول ذاته لم يجب على اتصال "الايام" والرسالة التي وجهتها له عبر هاتفه الخلوي بهذا الخصوص.

وأوضح شمالي أن حجم اعمال شركته تراجع بنسبة 40% معتبراً أن الخروج من هذه الأزمة وتداعياتها الكارثية على الشركات يقتضي ضرورة دعم القطاع الخاص وتقديم البنوك التسهيلات اللازمة، وتراجع الدوائر الضريبية في غزة عن فرض الضرائب، فهي تتقاضى عن كل طن اسمنت مبلغ ثمانية شواكل وعن طن الحصمة شيكلين.

ووصف شمالي ما آل اليه نشاط شركته من تراجع خلال العام الحالي بالمستوى الأشد تدهوراً وخسارة بالمقارنة مع السنوات السابقة، مبيناً أن شركته تعمل في مجال تجارة مواد البناء منذ عشرين عاماً.

من جهته، بين مدير مؤسسة الحلو للتجارة والصناعة ناصر الحلو أن أعمال الشركة بأنشطتها التجارية المختلفة تراجعت تدريجياً منذ مطلع العام الحالي الى أن وصلت لنسبة غير مسبوقة من الانحدار حيث أصبحت الشركة تعمل بقدرة30% من حجم نشاطها التجاري الفعلي.

واوضح الحلو ان فرع الشركة المختص ببيع الابواب الفولاذية تراجع نشاطه بنسبة تزيد على 80% أما فرع المواد الغذائية فبات يعمل بنسبة 30% مقارنة مع السنوات السابقة وبشكل عام وصل حجم نشاط الشركة في كافة قطاعاتها الى ما معدله أقل من 30% مقارنة مع السنوات السابقة.

وقال الحلو "لدى شركتنا شيكات مرتجعة اضافة الى حسابات مفتوحة مع عدد من المقاولين ممن ترتب على بعضهم دفعات مضى على استحقاق سدادها أكثر من سبعة أشهر وهناك من صدر بحقه من النيابة العامة امر حبس وتم تنفيذه رغم أن اعماله ومسحوباته من الشركة مرتبطة بسند دين منظم ولكن في النهاية خسرت الشركة بعض عملائها ممن بلغت المستحقات المترتبة عليهم ما يتراوح بين 50 الف شيكل الى 150 ألف شيكل، حيث بلغ اجمالي قيمة الديون المفترض أن تحصلها شركتنا نحو 600 ألف شيكل خلال الأشهر الأخيرة ".

وبين أن أزمة الديون المتراكمة على زبائن الشركة بلغت ذروتها خلال الشهرين الأخيرين، ما دفع بالشركة لتقليص عدد العاملين لديها بنسبة تزيد على 50 % حيث كان يعمل فيها 54 موظفاً وحالياً 24 موظفاً يعمل وبنصف دوام، ما يعني ثلاثة أيام في الاسبوع.

واعتبر الحلو أن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو ان تضطر شركته لتجميد نشاطها، في حين هناك شركات أخرى تعاني اكثر من ذلك نظراً لارتباطها بمعاملات وتسهيلات مصرفية في الوقت الذي يفوق حجم تعثرها حجم موجوداتها.

بدوره أشار أسامة النعسان الذي يمتلك شركة الأصيل لاستيراد الألمونيوم التركي إلى ان مبيعات شركته انخفضت هذا العام بنسبة 50% مقارنة مع العام الماضي نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع حجم المشاريع.

وبين أن أرباحه أيضا انخفضت وفق النسبة ذاتها جراء المنافسة وتفاقم أزمة الشيكات المرتجعة التي تعاني منها شركته، حيث تقدر قيمة هذه الشيكات غير المسددة لشركته بنحو نصف مليون شيكل شهريا.

وقال النعسان "كنا سابقا نقبل شيكات مؤجلة الصرف لمدة ستين يوماً، وحالياً نقبل لفترة تصل الى 120 يوماً، ورغم ذلك عندما يحين موعد استحقاق الصرف نقوم نزولاً عند رغبة الزبون بإعادة جدولة هذه الشيكات وأخرى يتم ايداعها لدى النيابة والمحاكم من اجل التحصيل.
وأكد أن شركته لم تستغن بعد عن أي موظف أو عامل لديها، موضحا أن الشركة ستعمل وفق هذا النهج حتى نهاية العام الحالي على أمل تحسن الأوضاع .

وشدد النعسان على أنه في حال استمرار تدهور الوضع الاقتصادي فان شركته ستضطر لنقل نشاطها والاستثمار في دولة أخرى، وذلك بموجب خطة عمل أعدتها لتقليص عملها تدريجيا خلال الأشهر الستة الأولى من العام المقبل حال بقاء الوضع في غزة على ما هو عليه، لافتاً الى ان شركته كانت تستورد العام الماضي حمولة عشر شاحنات، بينما تقلص استيرادها من الألمونيوم خلال العام الحالي إلى اربع شاحنات.