دراسة: لا سبيل للحد من البطالة دون تطوير قطاع الزراعة

تاريخ النشر
دراسة: لا سبيل للحد من البطالة دون تطوير قطاع الزراعة
مزارع فلسطيني يجمع ثمار البندورة في غزة-أرشيف رويترز-صورة للتوضيح فقط

رام الله-وكالات-أظهرت دراسة أعدتها شركة الاستشارات الدولية "ماكينزي" لصالح مؤسسة "بورتلاند ترست" في فلسطين، أنه لا سبيل للحد من البطالة المرتفعة في الضفة الغربية وقطاع غزة دون إحداث تطوير ملموس في قطاع الزراعة.

وقال رئيس مجلس إدارة "بورتلاند ترست" في فلسطين سمير حليلة، خلال لقاء تشاوري بمشاركة وزارة الزراعة ومنظمة الامم المتحدة للزراعة والغذاء "فاو"، وعدد من المنظمات والمؤسسات المحلية ذات العلاقة، إن دراسة "ماكينزي" شملت جميع القطاعات الاقتصادية، وأظهرت ان قطاع الزراعة هو من أهم القطاعات التي يجب الاهتمام بتطويرها لإحداث الأثر التنموي المطلوب.

وقال "بدأت بورتلاند تراست عملها في فلسطين في العام 2006، بهدف نقل المعرفة الدولية الى القطاع الخاص المحلي لتحقيق تنمية مستدامة رغما عن الاحتلال، وخصوصا في التحدي الاهم وهو البطالة، وكان تركيزنا على قطاعات بعيدة عن الزراعة كالقطاع المالي، لكننا رأينا ان جميع السياسات والتدخلات والاجراءات فشلت في احداث فرق واضح في هذا المجال، وبقيت البطالة منذ سنوات عند مستويات مرتفعة".

واضاف: في العام 2013 استعنا بشركة "ماكينزي" وهي شركة استشارات دولية، بهدف الاجابة على السؤال: لماذا فشلت كل السياسات في الحد من البطالة، واكدت نتائج دراستها ضرورة الاهتمام بأربعة قطاعات على راسها قطاع الزراعة".

وتابع: أهمية التركيز على قطاع الزراعة ليس فقط لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، وانما لأنه حاضنة للفقراء، فإذا قضي على الزراعة فإن المجتمع الفلسطيني يتحول جميعه الى مخيمات.

وقال حليلة "الدراسة اكدت ان الحفاظ على القطاع الزراعي وتطويره يشكل اساسا للاستقرار الاجتماعي، وليس للنمو الاقتصادي فحسب".

وشدد على ضرورة نقل المعرفة والتكنولوجيا الى هذا القطاع في فلسطين، مع عدم اغفال المشاكل التحديات الرئيسية التي يواجهها، واهمها القيود على وصول الفلسطينيين الى الارض، وكذلك مصادر المياه.

واظهرت الدراسة، التي عرض نتائجها مدير عام "بورتلاند ترست" يحيى الشنار الى ان مساهمة الزراعة في الناتج المحلي انخفضت من 13% في 1994 الى 3% فقط حاليا، ومع ذلك فإن مساهمة هذا القطاع في الصادرات الفلسطينية تتجاوز 25%.

كذلك، فإن قطاع الزراعة يشغل نحو 7% من إجمالي القوى العاملة الفلسطينية، ترتفع النسبة بين النساء الى 24%.

ويعد قطاع الزراعة مصدر رزق للتجمعات النائية والمهمشة، كالمناطق المسماة "ج"، فيما تعيش 34% من اسر المزارعين تحت خط الفقر.

وبحسب الدراسة أيضا، فإن 70% من المزارع تقل مساحاتها عن عشرة دونمات، ما يعني ان جل هذا القطاع يتكون من صغار المزارعين، فيما يمارس 42% من المزارعين هذا النشاط لأغراض الكفاف والاستهلاك المباشر.

واشارت الدراسة الى ان انتاجية هذا القطاع في فلسطين هي الادنى بين دول المنطقة، وهي في تراجع مستمر، اذ تراجعت القيمة للعامل من 8 آلاف دولار في العام 2010 الى 3 آلاف دولار فقط في العام 2016، مقابل حوالي 5 آلاف للعامل في الاردن، و76 الف دولار للعامل في اسرائيل.

واستعرضت الدراسة القيود التي تعيق زيادة انتاجية قطاع الزراعة، وابرزها محدودية القدرة على تبني تكنولوجيا وتقنيات محاصيل جديدة، وانفصال قطاع الزراعة عن سوق الائتمان والقروض، وضعف ادوات تخفيف المخاطر، ومحدودية الوصول الى الموارد الزراعية كالأرض والمياه، والقيود المفوضة على الحركة ما يؤثر على قنوات التوزيع.

من جهته، قال مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الزراعة حسن الاشقر إن حجم انتاج قطاع الزراعة في ارتفاع مستمر ووصل في العام 2017 الى 1.8 مليار دولار، رغم تراجع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، "ويعود ذلك بشكل رئيسي الى التحول من زراعات ريفية الى زراعات استثمارية".

وأضاف إن 45% من الانتاج الزراعي يشكل مدخلات صناعية، و17% من التجارة، ويحتل المرتبة الاولى من حيث حصته في الصادرات.

وتابع الاشقر: لدى وزارة الزراعة خطة استراتيجية لتطوير هذا القطاع للفترة 2017-2022، تقوم على عدة اهداف: دعم صمود المزارعين خصوصا في المنطقة "ج"، وزيادة الانتاجية، وتعزيز الوصول الى المصادر كالأرض والمياه.

وشدد الاشقر على ان المشاكل التي يواجهها قطاع الزراعة بحاجة ال حلول خلاقة، لتشجيع الاستثمار فيه.

وكان مدير برامج "الفاو" في فلسطين عزمي صالح استهل اللقاء مؤكدا أن تطوير قطاع الزراعة من أبرز أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم للعام 2030، وهو بحاجة إلى حلول مبدعة لمواجهة التحديات القادمة.

وأوضح أن عدد سكان العالم سيزيد بنسبة 40% حتى العام 2050، فيما سيرتفع استهلاك الفرد من الغذاء بنسبة 12%، ما يعني وجود حاجة لزيادة الانتاج الغذائي بنسبة 60%.

واضاف صالح ان جميع الدراسات التي اجريت على مدى السنوات العشرين الماضية، اجمعت على انه اذا استمرت التغيرات المناخية على نفس النمط، فان انتاجية القطاع الزراعي ستكون اقل من النمو في الاستهلاك، فيما سيتضاعف عدد البكتيريا ما يخلق صعوبات في التخزين "ما يخلق تحد كبير، والحل الوحيد هو الابداع العلمي لزيادة الانتاج بما يلبي حاجة العالم الى الغذاء".

ولفت صالح الى ان حوالي مليار إنسان في العالم غير مؤمنين غذائيا، فيما يهدر ثلث الانتاج العالمي من الغذاء.