ممثلو القطاع الخاص يرفضون بعض بنود مشروع قانون موازنة 2018

تاريخ النشر
ممثلو القطاع الخاص يرفضون بعض بنود مشروع قانون موازنة 2018
نقلا عن صحيفة الحياة الجديدة

رام الله- الحياة الجديدة- ابراهيم ابو كامش-

 اعلن ممثلون عن القطاع الخاص رفضهم لبعض بنود مشروع قانون الموازنة لعام 2018 الذي عرضه عليهم مؤخرا رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، ووزير المالية شكري بشارة، في مقر رئاسة الوزراء برام الله، وخاصة تلك البنود المتعلقة بتوسيع الشرائح والنسب الضريبية على ارباح الشركات.

وابدى خبراء في الاقتصاد والشؤون المالية من الاكاديميين تأييدهم ولو جزئيا للتوجهات الجديدة في مشروع قانون الموازنة وبخاصة فيما يتعلق بالعدالة الضريبية وان كانت غير كافية.

وكان رئيس الوزراء ووزير المالية عرضا مشروع الموازنة العامة للعام 2018 أمام ممثلي القطاعين الخاص والمصرفي ومؤسسات المجتمع المدني والجهات المانحة، وتبين أن قيمة الموازنة الموحدة التي تتضمن إجراءات وتدخلات الاندماج وإنهاء الانقسام تبلغ 5.8 مليار دولار.

تخفيض العبء الضريبي للأفراد

واكد د.الحمد الله ان هذه الموازنة صممت، كسابقاتها منذ عام 2014، لتخفيض العبء الضريبي للأفراد، خاصة ذوي الدخل المتدني، وتبني إجراءات ضريبية تسهم في توظيف واستيعاب الخريجين والحد من وطأة البطالة والفقر بتشجيع البنوك والمؤسسات المالية لتوجيه تمويلها لصالح نمو وثبات الشركات الصغرى والناشئة.

وقال رئيس الوزراء: "تبلغ قيمة الموازنة الموحدة، التي تتضمن إجراءات وتدخلات الاندماج وإنهاء الانقسام،  5.8 مليار دولار، منها 4.98 مليار دولار للنفقات الجارية وصافي الإقراض، و821 مليون دولار للنفقات التطويرية، فيما تبلغ الإيرادات 4 مليارات دولار، ويبلغ التمويل الخارجي لدعم الموازنة وتمويل النفقات التطويرية 775 مليون دولار، بفجوة تمويلية تقدر بمليار دولار، أي أن النمو في النفقات سيفوق نسبة النمو في الإيرادات بحوالي 11%، ما يحتم علينا السير بخطوات مدروسة لزيادة كفاءة وفاعلية الإداء الضريبي، والمزيد من ضبط الانفاق الحكومي وإدارة المال العام بكفاءة واقتدار، في ذات الوقت الذي نعمل فيه لتعزيز الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في تطبيق السياسات الضريبية، آخذين بالاعتبار التباين في الدخل الفردي والوضع الاقتصادي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وذلك بتعديل السياسة الضريبية الخاصة بالأفراد وتخفيض العبء الضريبي على الأفراد الأقل دخلا وزيادته على المكلفين الأكثر دخلا، والاستمرار في البسط الأفقي للأفراد والشركات التي تعمل بشكل فردي أو عائلي، والتحول إلى ضريبة تصاعدية، مع اعتماد شريحة ضريبية رابعة بدلا من الشرائح الضريبية الثلاث المعتمدة منذ 2015، بحيث تتراوح ضريبة الدخل من صفر إلى 20%، مما يزيد عدد الملتزمين ضريبيا بحوالي 10%، ويزيد الإيرادات الضريبية بنسبة 35% خلال عام 2018".

وأضاف الحمد الله: "وسيتم تعديل السياسة الضريبية للشركات بتخفيض ضريبة الدخل من 15% إلى 10% على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا يتجاوز دخلها السنوي الصافي 3.5 مليون شيقل، والتحول إلى إعفاءات وحوافز ذكية ترتبط بالتدريب، لتحفيز الشركات على توظيف واستيعاب الخريجين، ما يساهم في تدريب وتأهيل حوالي 5000 خريج لدخول سوق العمل سنويا وضمان نمو وديمومة هذه الشركات، كما سيتم استحداث شريحة جديدة تخص البنوك والمؤسسات المالية التي يفوق دخلها 7 مليون شيقل، وذلك من 15- 20%، وهذه تشمل الشركات التي تتمتع بالاحتكار والشهرة، علما أن عدد هذه الشركات يبلغ (52) شركة في فلسطين".

القطاع الخاص يرفض مشروع قانون الموازنة بصيغته الحالية

وفي اليوم التالي لعرض مشروع الموازنة، عقد المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص اجتماعا طارئا للقطاع الخاص بكافة مكوناته في فندق الكرمل، لبحث ما تم عرضه عليهم من مشروع موازنة والتحديات التي تواجههم فيه.

وفي الوقت الذي تحدث فيه رئيس المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص في دورته الحالية، رئيس اتحاد جمعيات رجال الاعمال سمير زريق، بتحفظ شديد فانه اكد عقد الاجتماع لكنه رفض الكشف عن القرارات التي اتخذوها وسيعرضونها على الحكومة ورئيس الوزراء ومطالبتهم بتعديل مشروع الموازنة قبل اقراره نهائيا ورفعه للرئيس.

وقال زريق: "نظرنا بعين الايجابية للموازنة وما اسرنا انها شاملة وموحدة لكل محافظات الوطن بما فيها قطاع غزة، وهو امر يعزز مفهوم المصالحة بين كافة الاطراف في مجتمعنا. ولكن من المؤكد توجد هناك اعباء مالية ستترتب على قضية المصالحة التي اخذتها الحكومة بعين الاعتبار في الموازنة، وبالتالي فإن العجز الاضافي الذي اشارت له الموازنة يشكل عبئا اضافيا على السلطة وكيف يمكن سده".

واضاف: "عقدنا اجتماعا للمجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص مع مجموعة من رجال الاعمال الذين يهمهم هذا الشأن وناقشنا بقلب وعقل مفتوحين ما عرض علينا ونسعى لنكون كلنا في صف واحد في كيفية مواجهة هذا العجز، وفي الايام القادمة سنتوافق على امور ايجابية محل النقاط الخلافية، وصولا للتعادل بهذا العجز".

ورقة موقف للقطاع الخاص قريبا على طاولة رئيس الوزراء ووزير المالية

 ونوه زريق إلى أنه من القضايا الخلافية مع الحكومة في مشروع الموازنة هي تحديد الطريقة الامثل لزيادة الضرائب. لكن رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية/رئيس غرفة تجارة رام الله والبيرة خليل رزق فكان اكثر وضوحا من زميله زريق وقال: "نرفض توجهات الحكومة في موازنتها لفرض الضريبة على توزيع الارباح على اسهم الشركات، وهذا لن نتحدث به وهو مرفوض، ومن يريد ان يحسن الموازنة بايرادات جديدة فليبحث عن مصادر دخل اخرى".

وأكد رزق رفضه نهائيا لتوجهات الحكومة لتجميد الانتفاع من الحوافز التي يتضمنها قانون تشجيع الاستثمار ايضا نرفض هذا الموضوع.

وقال: "اختلفنا مع الحكومة في ثلاث نقاط هي: الشرائح الضريبية، حتى لو كانت على الشركات الكبرى فهي مشغلة ايدي عاملة وتعيد استثمار رأس المال في الوطن وبالتالي فهي تساهم على بناء تنمية اقتصادية، ورفع نسبة ضريبة الدخل والقيمة المضافة، وتجميد قانون تشجيع الاستثمار".

واكد رزق، ان ممثلي القطاع الخاص في اجتماعهم الطارىء اتفقوا على تقديم ورقة موقف تتضمن كذلك مقترحاتنا التعديلية من القضايا الخلافية مع الحكومة في مشروع الموازنة باتجاه الاتفاق على الطريقة الامثل لزيادة الضرائب عن طريق وقف ومكافحة التهريب بجدية والعديد من الامور التي لها علاقة برفد الخزينة باموال ضائعة لدى الجانب الاسرائيلي، اضافة الى خفض النفقات الحكومية وترشيدها بما يمكن الحكومة من اداء واجبها.

وقال: "نحن لسنا ضد اي نفقات ومصاريف اخرى تنفق على غزة، بل بالعكس نحن ندعم ذلك ولكن يجب ترشيد المصاريف والنفقات التي لا نشعر انها ضرورية".

ولا يختلف موقف رئيس الاتحاد العام للصناعت الفلسطينية بسام ولويل، عن رزق، وان كان أكثر حدة وجرأة حينما قال: "نرفض الموازنة بصيغتها الحالية رفضا قاطعا، على الرغم من ايجابيتها المتعلقة بالمشاريع الصغيرة ولكن بصيغتها الحالية نرفضها".

واكد ولويل: "موقفنا هذا لا ينفي تطلعات رئيس الوزراء ووزير المالية في اجتماعنا معهما الى حوار ايجابي حينما قال لنا: "يجب ان نصل الى تفاهمات". لكن جملة المواضيع التي تدارسناها في اجتماع المجلس التنسيقي للقطاع الخاص، سنضعها على طاولة رئيس الوزراء والحكومة في رد خطي ورسمي  نسجل فيه تحفظاتنا على الموازنة، وسنقدم فيه جملة اقتراحات عملية لتحسين الجباية اكثر".

مشروع الموازنة يتعارض مع محتوى ونتائج اجتماعات القطاع الخاص مع وزير المالية

تفاجأنا بما جاء في هذه الموازنة، لا سيما انها جاءت متعارضة مع محتوى ونتائج اجتماعاتنا المتواصلة مع وزير المالية وطاقم الوزارة في السنة السابقة، والتي اكد فيها الوزير على التقدم باتجاه تخفيض الضريبة، والتأكيد الواضح جدا، انه رغم تخفيض ضريبة الدخل من 20% الى 15% في السنوات السابقة، الا ان الايرادات ارتفعت اكثر من 9%، مما يؤكد انه كلما خفضنا الضريبة الاضافية يشعر المكلفون براحة اكثر ويقدمون فواتيرهم اكثر".

ولا ينكر ولويل، ما تضمنه مشروع الموازنة من بعض الايجابيات المتعلقة بتخفيض نسبة ضريبة الدخل الى 10% للمشاريع الصغيرة والتي يصل صافي ربحها 3,5 مليون شيقل، مما يشجعها ويحفز المبادرات الشبابية الريادية حيث ينبغي دعمها ومساعدتها في تخطي المخاطرة التي تتعرض لها، لا سيما انها تخلق فرص عمل اكثر.

واوضح: "سيتم تخفيض الضريبة عن الشريحة من المكلفين التي يصل صافي ربحها الى 3,5 مليون شيقل لـ 10%، في حين سيتم رفع النسبة الضريبية للشريحة التي يصل صافي ربحها 7 ملايين شيقل من 15% الى 20%، فان كل واحد من الافراد الذي يصل دخله 300 الف شيقل سيتم رفع ضريبته الى 20% وهذا نرفضه ولا نقبله".

واضاف: "تفاجأنا من رفع الضريبة من 15% الى 20% للشركات الكبرى "ولم نكن نتوقع حدوث ذلك خصوصا ان كل اجتماعاتنا مع وزير المالية وطاقم وزارته كانت تدور حول  تخفيض النسب وليس رفعها، وكانت المفاجأة الاكبر تجميد قانون تشجيع الاستثمار، والامر الاهم والاخطر هي الضريبة على توزيعات الارباح، الذي كان مدرجا في القانون السابق وتم تجميده فلماذا سيتم اعادة فتحه من جديد؟".

وقال: "لن نقبل ان يكون هناك تجميد لقانون تشجيع الاستثمار، ورفع ضريبة توزيعات الارباح باي حال من الاحوال ونرفضه ولا نقبلها، وبالمقابل يمكن ان يتم التوصل الى صيغة حول ضريبة الدخل على الشركات التي تجني أرباحا عالية قد تصل قيمتها بين 15– 20%".

واضاف ولويل: "ان الحكومة بهذه الخطوات تضع عقبات طاردة للمستثمرين وتدفعهم للاستثمار في اسواق مجاورة اخرى فيها قوانين تحفيزية وداعمة لجذبهم لها".

الموازنة الموحدة والفجوة التمويلية

ويتفهم ولويل، السيناريوهات والموازنة المندمجة الموحدة التي ستخلق فجوة تمويلية قيمتها مليار دولار، لكنه قال: "حتى نسد هذه الفجوة، علينا ان لا نعفي الدول المانحة، فالاحتلال ما زال موجودا والدول المانحة عليها ان تتحمل مسؤوليتها، ولطالما الاحتلال موجود على المجتمع الدولي والولايات المتحدة الداعمه له ان تدفع فاتورة وجوده".

وقال: "علينا التحدث عن غزة بجرأة، فهي مخنوقة من حصار الاحتلال، ويجب فتح معبر المنطار وتحفيز الصادرات من غزة لاسرائيل وللعالم حتى نخلق فرص عمل ونحقق ايرادات للدولة، لذا على هذا الاحتلال المجرم ان يرفع قيوده عن المنطار والصادرات".

عدة طرق غير زيادة الأعباء على الملتزمين بدفع الضرائب

ويقترح ولويل، عدة طرق غير زيادة الاعباء على الملتزمين بدفع الضرائب، وقال: "نسبة المديونية على الناتج القومي تقدر بحوالي 16% ولكنها في لبنان تصل الى 110%، وتساءل، فما هي المشكلة في توزيع سندات ان كنا نتحدث عن مصالحة ولدينا الرغبة في تجاوز هذه الفترة، فان تمكنت غزة من التصدير، يمكن ان تتم جباية قيمة الفجوة التمويلية في الموازنة والمقدرة بمليار دولار".

ويتابع: "كما يجب طرح السندات في السوق، ولدى البنوك الاستعداد لشراء السندات بـ 200 مليون دولار، وهناك عدة طرق لتجاوز العجز المالي في الموازنة".

مشروع الموازنة لامس العدالة الضريبية

أما الخبير المالي والاقتصادي د. نصر عبد البكريم، فانه يختلف مع موقف بعض ممثلي القطاع الخاص من الموازنة التي اعتبرها خطوة بالاتجاه الصحيح "انها لامست العدالة الضريبية التي كانت غائبة في معظم التشريعات السابقة والتعديلات التي تمت، وربما لم تكن كافية ويمكن أن تحتاج الى درجة اعمق لكل التشريعات الضريبية، وبالتالي فانها تسهم في تحسين العدالة، وربما تستفيد شركات صغيرة عانت في السابق، لذلك فان من يعارض هذه الاصلاحات قد لا يكون لديه مبرر كاف".

ويحث د. عبد الكريم، على دعم هذه الخطوات وتأييدها، لكنه يشترط بان يتبعها مراجعة وتقديم اعمق وشمولي اكثر لكل النظام الضريبي الفلسطيني على صعيد النصوص التشريعية وانظمة العمل والادوات التنفيذية لادخال اصلاحات جذرية تخلو من الانتقائية، لانه يعتبر التعديلات التي تتم على قانون ضريبة الدخل من 2011 حتى 2016 ولغاية اليوم هي ترقيعية ومنتقاة هنا وهناك، وبالتالي تبدو وكأنها قد لا تنسجم مع المنظومة الاقتصادية والعامة ولا تنظر للامور من كل الزوايا.

تعديلات مبررة لكنها غير كافية

 لذلك يرى عبد الكريم، ان هذه التعديلات قد تكون مبررة وان كانت غير كافية، وقال:"قد لا اتفق مع بعض الآةةراء بمطالبتهم  بعدالة اكثر في الضريبة بتخفيضها الى اقل من 20% للشركات ويطالبون بتخفيضها الى اقل من 15% بينما في دول الجوار مثل الاردن تصل ما بين 35 – 45% للشركات الكبرى، ولذلك المطلوب رفع معدل الضريبة لاعلى، وعليه فإن الحكومة ووزارة المالية تتيح المجال لحوار وطني حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية".

وفي ظل التحديات القائمة فإن عبد الكريم، يرى ان هذه السياسات بحاجة الى تعديل جوهري حتى يتم التمكن من مواجهة ما هو قادم، وبالنتيجة فان هذه التعديلات مهمة وضرورية ومبررة لكنها غير كافية.

تضارب المصالح يخلق الخلافات

وقال د. عبد الكريم: "ان اختلاف الاطراف ذات العلاقة حول اي تشريع واي سياسة بضمنها الموازنة، يعود لمصالح الاطراف، وبالتالي هناك تضارب احيانا في المصالح. وبعض القطاع الخاص له سببه فيما يتعلق برفع الضريبة ربما على الشركات المالية والبنوك الى 20% وهذا ربما السبب الاساسي الذي ادى الى رفضه لمقترح الموازنة".

 ولكن يرى عبد الكريم بالمقابل ان هناك ايجابيات من وجهة نظر اطراف اخرى في الموازنة، فعند حديثها عن النية لتخفيض معدل ضريبة الدخل على الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي حددتها وزارة المالية بتلك التي تحقق ارباحا قيمتها 3,5 مليون شيقل، ةوتخفضها لـ 10% فهذا يعني بان هذه الشركات ذات النفوذ والثراء الأقل ستدفع اقل مما كان في السابق 15%، في حين ارتفع معدل الضريبة على بعض الشركات التي يبدو ان غالبيتها تدفع اقل، اضافة الى شركات اخرى ما زالت تعتبر كبيرة لكنها غير مالية وغير احتكارية تستمر في دفع 9%، ويبدو ان الخلاف فقط على زيادة شريحة دفع الضريبة لشركات بعينها.

ويطالب د. عبد الكريم القطاع الخاص ان يقدم دليلا على ما يسمى تحليل منفعة والتكلفة، وقال: "اذا كانت التكلفة الضريبية على هذه الشركات هي حقيقة كبيرة ستؤدي الى تراجع خططها في الاستثمار والتوسع، وربما تؤدي الى عدم قدرتها على التوظيف الاضافي، عندها يتم بكل بساطة مقارنة التكلفة الاقتصادية وتكلفة الشركات، وبالمقابل هناك منفعة متعلقة بموازنة السلطة التي يتم استيفائها وجبايتها (الضرائب الاضافية) هل هي مبررة لهذه التكلفة ام انها اكبر منها؟ ولكن هناك هدفا آخر للتعديل الضريبي، وربما يكون صحيحا ويشكل كلفة على الشركات وعلى الاقتصاد لكنه بالمقابل يكون منفعة لخزينة السلطة.

وقال د. عبد الكريم: "لم نر في مشروع الموازنة ارتباطها بارقام البرامج والخطط التي اعدتها الوزارات المختلفة والتي يفترض ان تنسجم مع أجندة السياسات الوطنية 2018– 2022، وهل الايرادات بقي هيكلها كما هو الحال بعد التعديلات؟ لانه وردت جملة على لسان رئيس الوزراء وكتبت نصا بان "الاصلاحات الضريبية ستؤدي الى زيادة عدد المكلفين بـ 10%"، ومباشرة وردت جملة تلتها رأسا "ان هذا سيؤدي الى زيادة حجم الايرادات الضريبية بـ 35% وبالتالي ستقفز من 3 مليارات الى 4 مليارات دولار". فهل اصلاحات زيادة في المكلفين 10% والاصلاحات في قانون ضريبة الدخل فعلا ستحقق ذلك؟". وهل هذه الاصلاحات التي هي ليست جوهرية ولا عميقة ستعوض عن كل الاصلاحات الاخرى وعن الاجراءات العملية التنفيذية لحجم التهرب الضريبي والتسرب والتجنب، وترفع مبلغ الايرادات بهذا الكم؟ وهل معقول ان ضريبة الدخل كلها لا تساهم بـ 200 مليون دولار في السنة ستحقق بعد هذه الاصلاحات مليار دولار؟

ويعتقد عبد الكريم، ان هناك اشكالية كبرى بحاجة الى تفسير، من اين ستأتي المليار دولار، هل هي من ضريبة الدخل؟ هل هي من ضريبة القيمة المضافة والجمارك المرتبطة بملفات وتنسيق اكبر بين ضريبة المضافة وبين ضريبة الدخل؟ هل الايرادات الاضافية ستكون من غزة نتيجة لتمكين الحكومية؟

ويستنتج عبد الكريم، ان قيمة الفجوة التمويلية تم ذكرها دون تفاصيل، اضافة الى ان الحديث عن موازنة الاساس وموازنات المحافظات الجنوبية، بعدها تصبح الموازنتان موحدتين. بمجموع 5,8 مليار دولار، بينما في العام الماضي كانت بحدود 4.5 مليار، وبالتالي هناك زيادة بقيمة 1,3 مليار دولار، هل هذه زيادة طبيعية في حجم الانفاق الناتج عن اضافة المحافظات الجنوبية؟ وهل تخصيص 800 مليون للانفاق التطويري في الموازنة الموحدة كلها لاعادة اعمار غزة، ام نسبة منها؟

من هنا يجب ان تعكس الارقام أولويات وسياسات، لذلك فإن تفاصيل الارقام هي اهم من الارقام الاجمالية، ومن هنا علينا ان ننتظر وان لا نستعجل في تقييم الموازنة بشكل موضوعي الا بعد قراءة تفاصيلها، لانه اهم اساس لاعداد الموازنة وتقييمها هو ان الموازنة مرتبطة بالتخطيط وبالسياسات العامة وبالاجندة الوطنية وبالاهداف والاولويات.

وفي النهاية فان د. عبد الكريم قال: "ان مشروع الموازنة خطوة قد تسهم بالعدالة وهي اقل مما يجب ان تكون تصاعدية وتقدمية وجرأة اكثر، هي غير كافية ولم تكن جريئة ولا تصاعدية بما فيه الكفاية، ولذلك كنا ضدها لانها جاءت اقل من ما كنا نتوقعه".

وقال: "لمسنا استخدام مصطلحات ومفردات في خطاب رئيس الوزراء ولغة يحتج القطاع الخاص عليها منها العدالة الاقتصادية والاجتماعية وعدالة الضريبة هناك اقرار وكأنه من الحكومة بان النظام الضريبي السابق لم يكن عادلا بما فيه الكفاية، وبالتالي الان التعديلات وكأنها تاتي حتى لو كانت لاسباب غير ذلك معلنة، ولكن في ظاهرها وكأنها تأتي لتعزيز او تحسين منسوب العدالة. ونحن أكديميين وخبراء نؤيد هذه اللغة وهذا الاستهداف وندفع الى المزيد من هذه الاجراءات والاصلاحات الضريبية نحو التصاعدية والتقدمية اكثر للضرائب.