زراعة الزعفران تشق طريقها في فلسطين على يد مزارع من عقربا

تاريخ النشر

نابلس-أخبار المال والأعمال- تمكن المزارع الفلسطيني جابر بني طه، من بلدة عقربا جنوب شرق نابلس، من ترك بصمته الخاصة في زراعة الزعفران من خلال تطويع الظروف المناخية والبيئية لإنجاز مشروعه بعد أعوام طويلة من العمل الجاد.

وبدأ جابر البالغ من العمر (46 عاما)، وهو أب لستة أبناء، أولى خطواته في زراعة الزعفران أحد السوسنيات، والذي يعد أغلى أنواع التوابل في العالم قبل نحو سبعة أعوام، في خطوة وصفها "بالمغامرة الزراعية". ويرجع غلاء سعر الزعفران إلى أنه يستغرق وقتا طويلا قد يمتد لأشهر في رعايته أثناء الزراعة، كما أنه يجب أن يتم حصاده يدويا وتستخدم كمية كبيرة من الأزهار المجففة للحصول على كيلوغرام واحد من توابل الزعفران.

ويقول جابر، بينما كان يحرث أرضه عقب انتهاء موجة منخفض جوي ضربت الأراضي الفلسطينية أخيرا، "بدأت زراعة الزعفران في العام 2016، ولكنني حصلت على الفكرة في العام 2012 بعد مشاهدة العديد من الأفلام الوثائقية حول كيفية زراعته". في ذلك الوقت، عرف جابر لأول مرة بأن الزعفران هو من أغلى أنواع التوابل في العالم ويمتاز بالعديد من الفوائد الصحية للإنسان، وذلك من خلال إضافته لبعض الأطعمة أو حتى استعماله بشكل منفرد كعلاج لبعض الأمراض.

ويضيف جابر، الذي بدا منهمكا في تفقد أرضه، "قارنت بين الظروف المناخية وطبيعة التربة المناسبة لزراعة الزعفران وما بين الظروف البيئية التي تمتاز بها الأراضي الفلسطينية فوجدت بأن حوالي 90% من أراضينا مناسبة لمثل هذه المغامرة".

إلا أن هناك أزمة واجهت المزارع "الطموح"، وهي عدم وجود أمصال النبتة في الأراضي الفلسطينية، وكذلك عدم امتلاك المزارعين الفلسطينيين الخبرة الكافية لمثل هذه الزراعة التي تعتبر حديثة عليهم. وهذا ما دفع جابر إلى التواصل على مدار عامين مع عدد من المزارعين العرب الذين برعوا في هذا المجال، وبينهم مغاربة وجزائريون، على حد قوله، لاكتساب بعض الخبرات منهم للمضي قدما في مشروعه.

ويستذكر المزارع صاحب الوجه المبتسم بأن "الصعوبات لم تنته بعد، فلم أكن أمتلك المال الكافي لشراء أمصال الزعفران من الخارج كي أزرعها في أرضي، وكنت أحتاج لأعوام طويلة من العمل كي أتمكن من ادخار التكاليف اللازمة لذلك".

وبعد أربعة أعوام، حصل جابر على تمويل من الإغاثة الزراعية، وهي منظمة غير حكومية تنشط في الأراضي الفلسطينية، مكنه من شراء 17000 بصيلة زعفران من هولندا وإدخالها إلى الضفة الغربية لأول مرة. ويقول المزارع الذي ورث مهنة الزراعة عن آبائه وأجداده، "لقد شعرت بسعادة عارمة لتحويل حلمي إلى حقيقة، فور حصولي على تلك البصيلات قمت بزراعتها في دونم كامل".

ويشرح جابر، "بعد أشهر طويلة من رعاية بذوري المزروعة، أنتجت كل بصيلة خمس بصيلات أخرى وقمت بزراعتها مرة أخرى واستمررت على هذا الحال أعواما حتى وصلت كل بصيلة لتنتج ما بين 20-25 واحدة أخرى".

وبعد سبعة أعوام من العمل الشاق، جنى المزارع القروي أخيرا أرباحه لأول مرة، حيث بدأ في بيع منتج الزعفران في السوق المحلية وكسب المال الذي يساعده في الحفاظ على عائلته.

ويقول بضحكة لا تفارق وجهه، "حصدت حوالي 500 غرام من الزعفران في العام 2022 وقمت ببيع كل غرام واحد من الزعفران مقابل 10 دولارات، وهذا يكفي لي ولعائلتي، خاصة وأنني أعمل في وظيفة أخرى". وبسبب نجاحه، يرغب العديد من سكان الضفة الغربية أيضا في زراعة الزعفران، لكنهم لم يتمكنوا من تحمل كلفته، ولذلك بدأ جابر برنامجا من خلال توفير بعض البصيلات للسكان المحليين في محيط سكنه وتثقيفهم حول طريقة زراعته.

وكانت الفلسطينية غادة محمد (39 عاما) واحدة من بين 12 آخرين استطاعوا الحصول على بصيلات من جابر لزراعة نبات الزعفران في أرض زراعية صغيرة تمتلكها قرب منزلها في بلدة "عقربا" جنوب مدينة نابلس.

وتقول السيدة التي تعاني من وضع اقتصادي صعب لـ"شينخوا"، إنها تفاجأت بنجاح زراعة نبات الزعفران في أرضها بعد الحصول على البصيلات والطريقة الصحيحة اللازمة لزراعتها ورعايتها وحصادها، ما سيمكنها من إدخال نبتة الزعفران في استعمالاتها اليومية.

ويأمل كل من بني طه ومحمد في تعزيز تقنيات زراعة الزعفران داخل المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية على نطاق واسع لتزويد العائلات بالزعفران اللازم للاستعمال اليومي لها، وأن تصبح ثقافة سائدة في المجتمع المحلي.

وأشادت وزارة الزراعة الفلسطينية بفكرة بني طه في زراعة نبات الزعفران وتحقيق نجاح كبير في هذا الأمر، ونقل الفكرة إلى مزارعين آخرين في قرى جنوب نابلس.

وقال مدير عام مديرية زراعة نابلس إبراهيم الحمد لـ"شينخوا"، إن زراعة الزعفران فكرة جديدة هي الأولى من نوعها في الأراضي الفلسطينية، مشيرا إلى أن الوزارة تشجع المزارعين على القيام بذلك وتعمل على نقل التجربة إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية.

المصدر: وكالة شينخوا الصينية