مصنع في الخليل يعيد تدوير أطنان من النفايات الإلكترونية

تاريخ النشر
أحد العاملين في المصنع ينقل مخرجات من النفايات الالكترونية

الخليل (شينخوا)- بعد سنوات من المعاناة، تمكن مصنع فلسطيني في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية من إعادة تدوير أطنان من النفايات الإلكترونية، سعيًا لوضع حد للتلوث البيئي الذي يخنق المدينة.

وتتضمن النفايات الإلكترونية المستخدمة في إعادة التدوير داخل المصنع بهدف تخليص البيئة منها، أجهزة كهربائية مثل الثلاجات وشاشات التلفاز والحاسوب وهواتف نقالة.

وعادة تتدفق النفايات الإلكترونية عبر شاحنات محمّلة إلى قرية "إذنا" غرب الخليل التي تحولت إلى مقبرة إلكترونية تستقبل نحو نصف طن من النفايات يوميًا، ما تسبب بتلوث التربة التي كانت معروفة بخصوبتها.

ووفقًا لمسؤولين فلسطينيين، فإن 60 في المائة على الأقل من إجمالي كمية النفايات الإلكترونية المتراكمة في القرية الفلسطينية جاءت من إسرائيل، التي تسيطر على المنطقة (ج) من الضفة الغربية حيث تقع القرية.

وتقسم الضفة الغربية وبلدات في شرق القدس حسب اتفاق (أوسلو) للسلام المرحلي الموقّع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، إلى ثلاث مناطق الأولى (أ) وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة والثانية (ب) وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية وإدارية فلسطينية، والثالثة (ج) وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.

لكن إسرائيل لم تكن الوحيدة التي يلقى عليها اللوم، لأن الفلسطينيين كانوا يتخلصون من هذه النفايات على مدار الأعوام الماضية عن طريق حرقها كوسيلة لهم لكسب الرزق.

وتضم القرية الآن ما لا يقل عن 100 ورشة عمل مصممة لحرق النفايات، توظف كل واحدة منها ما بين 12 و38 شخصًا يقومون باستخراج مواد النحاس والألمنيوم التي يتم بيعها وإعادة استخدامها بعد ذلك.

ويقول الناشط البيئي عبد الرحمن الطميزي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الأساليب القديمة للتخلص من النفايات الإلكترونية حتى لو كانت توفّر فرص عمل للعديد من العاطلين عن العمل إلا أنها ضارة بالبيئة.

ويضيف الرجل الأربعيني والوالد لأربعة أبناء أن قرية "إذنا" مسقط رأسه تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وبالتالي فإن مسؤولية إسرائيل هي توفير بيئة آمنة لسكان المكان.

لكن الناشط البيئي البالغ من العمر (47 عامًا) ومعه ثلاثة من زملائه لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الضرر الناجم عن الوسائل البدائية للتخلص من النفايات، فقرروا تأسيس أول مصنع في المدينة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية.

وقام الأشخاص الأربعة في البداية بإنشاء جمعية غير حكومية أطلقوا عليها اسم جمعية "النقاء التعاونية لمعالجة النفايات الإلكترونية" بهدف جذب النشطاء البيئيين لتعليم سكان القرية كيفية استخراج المواد القيمة يدويًا من النفايات الإلكترونية بدلاً من حرقها.

ولاحقًا قرر النشطاء الأربعة في يناير الماضي إطلاق المصنع، الذي تم تمويله من الأمم المتحدة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، بحسب الطميزي.

ويقول إن المصنع يحتوي على "آلة واحدة فقط تفصل المواد عن بعضها ومن ثم تقوم بإخراج البلاستيك والألمنيوم والنحاس والحديد وغيرها"، مشيرًا إلى أن الخطوة الثانية تقوم على تسليم المواد للعمال الذين يوزعونها على المصانع المعنية.

ويفرز المصنع طنًا واحدًا من النفايات الإلكترونية يوميًا، ويجهّزها للاستخدام في الصناعات المختلفة في جميع أنحاء الضفة الغربية.

من جانبه، يقول مازن السلايمة المشرف على المصنع لـ (شينخوا) إن الإنتاج لا يلبي السوق المحلي، خاصة في ظل الكميات الهائلة من المخلّفات الإلكترونية المتراكمة في المنطقة.

وأعرب السلايمة بينما يقف أمام آلة ضخمة وسط المصنع حديث النشأة عن أمله في الحصول على المزيد من الآلات الحديثة، التي تمكننا من إنتاج ما يزيد عن عشرة أطنان يوميًا.

ويضيف الرجل الذي بدا حريصًا على تخلص المنطقة من التلوث البيئي أن المنطقة بقيت لأعوام طويلة مكبًا للنفايات الإلكترونية، الأمر الذي دفع الكثير من الفلسطينيين إلى الاعتماد عليها كمصدر رزق، لكنهم غير منظمين ويضرون بالبيئة.

ويوضح السلايمة أن دراسة جرت في عام 2017 وشارك فيها كشفت أن ما يقارب من 2500 أسرة فلسطينية من القرى الواقعة غرب مدينة الخليل تعتمد على العمل في هذا القطاع.

ويأمل الرجل الأربعيني أن يكف السكان عن حرق النفايات الالكترونية، لكنه أكد أن المنطقة بحاجة ماسة إلى المزيد من الآلات المتقدمة التي من شأنها أن تمكن من تفكيك وفرز المعدات الثقيلة مثل المحركات.

ولاقت فكرة إنشاء المصنع ترحيبًا وسعادة من سكان القرية وأصحاب المشاريع التجارية والزراعية لتضررهم من عمليات حرق النفايات الإلكترونية.

وأعرب محمد السلايمة، وهو أحد المزارعين المتأثرين بحرق النفايات الإلكترونية، عن سعادته بإنشاء المصنع، ما يشجّعه على الزراعة بأريحية دون أي منغصات ناجمة عن التلوث البيئي.

ويقول السلايمة لـ (شينخوا) إنه بسبب الاحتراق المستمر للنفايات الإلكترونية "تحولت الأشجار خاصة الزيتون إلى اللون الأسود وتناقصت نسبة إنتاج الزيت، وامتنع السكان عن الزراعة".

ويوضّح المزارع البالغ من العمر (46 عامًا) أن كل 100 كيلوغرام من الزيتون في الأرض المجاورة لموقع الحرق ينتج فقط سبعة كيلوغرامات من الزيت، مقارنة بـ 19 كيلوغرامًا في مناطق آمنة أخرى.

ويتابع الرجل، الذي بدا حزينًا من هذه الخطوة أن المعاناة تتفاقم مع موسم الحصاد، مشيرًا إلى أن غبار الحرائق تحوّل الأشجار ووجوه أطفالنا وعائلاتنا إلى اللون الأسود.