قانون الضمان الاجتماعي..الحوار مفتاح "التطبيق"

تاريخ النشر
قانون الضمان الاجتماعي..الحوار مفتاح "التطبيق"
تظاهرة احتجاجية على قانون الضمان-أرشيفية

رام الله-وفا-عماد فريج-ما زال قانون الضمان الاجتماعي، يثير ردود أفعال متباينة في الشارع، خاصةً منذ الإعلان عن بدء التطبيق الفعلي للقانون بداية الشهر الجاري، بعد استكمال جاهزية المؤسسة من حيث المقر والموظفين والأنظمة وإجراءات العمل ونظام التسجيل المحوسب، لغايات توريد الاشتراكات عن العاملين المسجلين.

ورغم أن القانون مرّ بمراحل وانعطافات كثيرة منذ إقراره عام 2016، أدت إلى صياغته بشكله الحالي على إثر حوارات مع كافة الأطراف من نقابات عمالية ومهنية وأصحاب عمل وحقوقيين وقانونيين وأصحاب اختصاص، إلا أن طرح القانون بصيغته الحالية لاقى اعتراضًا من العمال والموظفين في القطاع الخاص، وأصحاب العمل، مما دفعهم للخروج في تظاهرات تناشد بتعديل عدة بنود في القانون ليصبح أكثر انصافًا للمستفيدين منه.

الرئيس محمود عباس، أكد أن فكرة قانون الضمان الاجتماعي هي حماية العمال والفقراء، وجاء استنادً للتجارب الناجحة في العديد من دول العالم، مجددًا تأكيده أن القانون ليس مقدسًا، وسيتم الأخذ بكافة الملاحظات والمواقف الصادرة عن أصحاب العلاقة، ليتم تعديل القانون بأثر رجعي، وقال: البنود التي يتم الاتفاق على إلغائها ستلغى وكأنها لم تكن، وعندما نصل إلى حل لكافة الملاحظات يطبق القانون.

بدورها، أكدت الحكومة أن بدء التطبيق الفعلي الالزامي للقانون لا يعني أن القانون غير قابل للتعديل، إنما أن قانون الضمان الاجتماعي سيخضع كغيره من القوانين الحيوية التي تلامس حياة وحقوق المواطنين للدراسة والتقييم خلال تطبيقه بهدف التطوير والتحسين.

وسارعت الحكومة لتشكيل لجنة وزارية للحوار مع جميع الأطراف ذات العلاقة بقانون الضمان الاجتماعي، وبدأت اللجنة بالفعل اجتماعاتها مع جميع القطاعات والشرائح والاتحادات والنقابات التي تمثل العمال وأصحاب العمل وكافة ذوي العلاقة، للخروج بأفضل نسخة من القانون.

وشدد رئيس الوزراء رامي حمد الله، مرارًا وتكرارًا، على أن الحكومة جادة في التوصل إلى توافق بشأن قانون الضمان الاجتماعي، معبّرًا عن ثقته بالخروج في نهاية الحوار بنتائج مرضية للجميع، وتصب في مصلحة العامل وصاحب العمل، مؤكداً أن قانون الضمان يعتبر صمام الأمان الوظيفي والتقاعدي لمئات آلاف العاملين في القطاع الخاص، وكافة القطاعات التي ينطبق عليها هذا القانون.

كما أعلنت الحكومة عن جدول زمني لتسجيل الشركات في مؤسسة الضمان الاجتماعي يمتد على مدار عامين، إلى جانب تشكيل محكمة مختصة بالنظر في نزاعات الضمان الاجتماعي وفقًا لقانون الضمان.

محاولات الحكومة المتواصلة لتطويق الموقف بالحوار والتواصل مع الأطراف، لم تجد آذانًا صاغية من القائمين على الحراك، والذي واصل فعالياته الاحتجاجية على القانون.

وقال عضو مجلس نقابة المحامين، ممثلا عن الحراك أمجد الشلة، في تظاهرة مركزية نظمت يوم الاثنين في رام الله، إن الحراك يرفض الحوار قبل إعلان الحكومة عن تعليق تطبيق القانون.

ولفت الشلة إلى أن الحراك يستند في مطالبه الى الشعب، مؤكدًا أن الحراك يطالب الحكومة والجهات ذات الاختصاص بتأجيل تطبيق القانون قبل الدخول في حوار مع النقابات وممثلي العمال والموظفين للخروج بصيغة جيدة للقانون تخدم مصلحة الجميع.

ويرى الشلة أن قانون الضمان الاجتماعي يتعارض مع قانون العمل وأحكام الشريعة الاسلامية التي يستند اليها القانون الفلسطيني، إضافة إلى وجود عدة نقاط مثل الوفاة الطبيعية وإصابات العمال ونسب الخصم على الموظف والعامل والشركة وغيرها الكثير من النقاط التي تضر بالعامل والموظف.

وكان مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي أسامة حرز الله، قد وجه في حديث سابق مع "وفا"، رسالة للموظفين والعاملين المتخوفين من تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، قائلاً: "قبل أن نكون مؤتمنين على صندوق الضمان الاجتماعي فنحن أيضًا عاملين ومشمولين بأحكام الضمان الاجتماعي، ومن خلال اطلاعنا على القانون فإننا لا نسقط أهمية المنافع المتوفرة في القانون، ولا يمكن التقليل من شأنها، واذا كانت هناك ملاحظات حول بعض البنود فإن الصورة الكلية للمنافع أكبر بكثير من الذي يطرح حاليًا".

وأضاف: "لا نرى أية أسباب حقيقية تستدعي التخوف من تطبيق القانون، كما أن جميع الاعتراضات تخص المنافع التي سيتم الاستفادة منها في مراحل لاحقة من حياة الموظف، ونحن بدورنا نقدم النصيحة لجميع العاملين في القطاع الخاص للاطلاع على القانون ودراسة ما فيه كونه يوفر الكثير لهم، وهو حلم وطني بفضل الله قد أصبح حقيقة على أرض فلسطين، وبالتالي يجب علينا دعم المشروع والالتفاف حوله كونه يمثل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا".

وفي ظل تباين المواقف، رغم أنها تصب في اتجاه واحد هو "أهمية وجود قانون ضمان اجتماعي يحمي حقوق العاملين"، يرى الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن الحوار بين جميع الأطراف المعنية هو الحل، مؤكدًا أن القانون سيضر بالاقتصاد الفلسطيني اذا تم تطبيقه وسط رفض شعبي.

وقال إن المجال الآن مفتوح للحوار أمام جميع الأطراف المعنية للوصول لصيغة مقبولة للجميع، محذرًا من أن يؤثر هذا القانون بصيغته الحالية على السلم الأهلي والمجتمعي.

وضمن سلسلة من اللقاءات التي تعقد برعاية هيئة الكتل والقوائم البرلمانية، مع جميع الأطراف المعنية بقانون الضمان الاجتماعي، لإدخال التعديلات المطلوبة عليه، أوصى ممثلو هيئة الكتل والقوائم البرلمانية، والمجلس التنسيقي للنقابات والاتحادات المهنية والقطاعية، بعدم إلزامية التسجيل في مؤسسة الضمان الاجتماعي خلال فترة الحوار وأقصاها 6 أشهر، وترك التسجيل اختياريًا لمن يرغب دون فرض أي غرامات خلال هذه الفترة.

وأكدوا في بيان أصدرته هيئة الكتل والقوائم البرلمانية، بعيد لقاء عقد، الأحد، في رام الله، بحضور اللجنة الوزارية، ضرورة مواصلة الحوار بما يشمل كافة القطاعات والأطراف المعنية، لإدخال التعديلات المطلوبة على القانون، وضرورة  التعاون بين جميع الأطراف للحوار في أجواء إيجابية.

الإجماع من جميع الأطراف على أهمية القانون لضمان حياة كريمة لكل مواطن فلسطيني دون استثناء، يبعث على التفاؤل إن كافة الإشكاليات حول القانون سيتم حلها على أرضية الحوار والنقاش الديمقراطي المكفول قانونيًا ووطنيًا في فلسطين، وصولًا إلى قانون ضمان اجتماعي يتوافق عليه الجميع.