مؤسس مول فلسطين، عماد جابر: انتمائي فلسطيني والهوى إماراتي

تاريخ النشر
مؤسس مول فلسطين، عماد جابر: انتمائي فلسطيني والهوى إماراتي
صورة هندسية لمشروع "مول فلسطين"

دبي-رواد الأعمال العربية-حسن عبد الرحمن: في جرأة محسوبة وبرؤية رجل أعمال ريادي ومتفهم لخصوصية بلده، يقدم عماد جابر رئيس مجلس إدارة “لاكاسا القابضة”، على بناء مول كبير بكلفة تتجاوز 40 مليون دولار، في رام الله فلسطين، أطلق عماد جابر على المول اسم مول فلسطين.

للوهلة الأولى تبدو فكرة إطلاق مركز تجاري كبير في فلسطين مخاطرة كبيرة، فعلى أرض محاصرة ومقطعة الأوصال لا يمكن الجزم بأن استثمارا كهذا سيلاقي النجاح. يقول جابر: نخطط لمشروع مول فلسطين ليكون أكبر مجمع تجاري في فلسطين، وتبلغ تكلفته الاستثمارية حوالي 40 مليون دولار. ومن المتوقع افتتاح هذا المشروع خلال الربع الأول من عام 2019. وستقوم شركة “لاكاسا للاستشارات المعمارية”، وهي تابعة للشركة الأم، بتصميم المشروع. وسيحتل المول مساحة 65000 متر مربع. يتكون المول من 6 طوابق بالإضافة الى مواقف سيارات على ارتفاع 3 طوابق. المول الجديد سيشمل 135 وحدة تجزئة، هايبر ماركت، منطقة طعام، ومنطقة مخصصة للعب الأطفال، بالإضافة إلى صالة تزلج على الجليد.

واقع الاستثمار

يوضح جابر أن الممول لهذا المشروع وهو بنك فلسطين كان يشترط للمضي قدما في المشروع أن تصل نسبة أشغال المستأجرين المحليين من مساحة المول إلى 30%. لكن المفاجأة كانت وصول هذه النسبة الى 90% بزمن قياسي.

فلسطين أرض الفرص، هذه المقولة التي تبدو أقرب إلى الشعار منها إلى الواقع العملي يشرحها لنا جابر ويضيف، “للأسف وجدت صعوبة في تسويق هذه الفكرة بين المستثمرين الفلسطينين الذين من المفترض أنهم يعرفون المنطقة وتفاصيلها”.

يقول جابر “كنت أعلم أن أول المعترضين على هذه المقولة هم مستثمرين فلسطينيين ذهبوا بملايينهم خارج الأرض وعملوا امبراطوريات بعيدة. ولكن جابر قرر أن يغتنم فرصة فلسطين التي يبدو أنه يعرفها كبيئة استثمارية وبيئة اجتماعية أكثر من غيره. فلسطين التى ظلت رمزأ ووطنا وحلمأ بالنسبة له ولعموم الشعب الفلسطيني.

التقينا عماد جابر في دبي، وهي بلد الفرص أيضاً، فقد استطاع جابر في هذه المدينة الجميلة إطلاق شركة قابضة متنوعة النشاط، وحقق نجاحات من خلال مشاريع عديدة، خولته فيما بعد التوسع إلى أكثر من ساحة استثمارية. بعد أن اكتسب الخبرة والعلاقات.

ولكن كيف يستطيع جابر اقناع الناس والمستثمرين بأن فلسطين هي أرض الفرص فعلأ؟ يقول: في الحقيقة كانت مشكلتي بالدرجة الأولى اقناع الفلسطينيين من أهلنا بهذه الفكرة، خاصة المستثمرين منهم.

لا يذهب جابر بعيدأ للبرهان أن هناك فرصاً واعدة في فلسطين، فهو يرى أن هذا البلد وبعد خمسين سنة من الاحتلال يحتاج لكل شيء. خاصة فيما يتعلق بتفاصيل الحياة اليومية للناس وما يتعلق بسكنهم ومدارسهم واحتياجاتهم الحياتية الضرورية، كل ذلك ليس متوفراً بالشكل المناسب الذي يراعي خصوصية المكان، ففلسطين تتميز بنسبة كبيرة وغياب لفرص العمل، صحيح أن هناك مشاكل يومية دائمة وظروف احتلال وعدم استقرار عام في المناطق الفلسطينية، كل هذا صحيح لكن من زاوية أخرى، هناك استثمارات صغيرة كثيرة في فلسطين، يقول: “غير أننا نفتقد للاستثمارات الكبيرة التي تخدم قطاعات واسعة وتؤمن فرص في فلسطين، هنالك اكثر من خمسة ملايين ونصف فلسطيني في الضفة والداخل يحتاجون إلى كل شيء، وشرائح لا بأس منهم لديها قوة شرائية جيدة. وهؤلاء مهمين جداً عند حساب أي دراسة جدوى استثمارية، وفي العموم نحن في ظروف لا تقبل الانتظار. الناس لا تنظر لكي تعيش بشكل أفضل، ولن يكون هنالك أسوء من الوضع الحالي، ولا داعي للانتظار حتى نبدأ الاستثمار، نحن نعيش هنا ويجب علينا أن نتخذ قرارات مرنة ومستقبلية”.

لا تقتصر استثمارات “لاكاسا” في فلسطين على مول فلسطين، يقول جابر “قمنا بثلاث استثمارات في فلسطين قبل ذلك وكلها كانت استثمارات رابحة، الأول بناية سكنية تم تشييدها وبيعها، والثانية بناية تجارية ومردودها جيد ايضاً، أما استثمارنا الثالث، فكان مجموعة فلل وتم تسويقها وبيعها. وكانت كلف الاستثمارات لكل مشروع لا تتعدى 5 ملايين دولار”

يتابع جابر، “اليوم نقوم ببناء أكبر مول بكلفة تتعدى 40 مليون دولار. وبناء على دراسة الجدوى قررنا المضي قدما في هذا المشروع الذي يعد الأكبر في مجال بناء المراكز التجارية، وعد مناقشة جدوى لاستثمار كان ممولنا هو بنك فلسطين. يتخوف في البداية من حجم الاستثمار الكبير وهل تتحمله البلد، وهل ستتم الاستجابة للمشروع من قبل مستثمرين محليين، وكان يشترط كما ذكرنا بوصول نسبة الإشغال إلى 30%، ولكننا فوجئنا، بوصول نسبة الطلب على استئجار محلات داخل المول إلى 90%.

يصنع تاريخاً

الأهم أيضا أننا وجدنا حماساً وقبولأ من العلامات التجارية العالمية التي سنستقدمها إلى مول فلسطين، ولم يكن لديها أي تحفظات، ووجدنا أن لديها كامل الثقة بالتواجد في السوق الفلسطينية، وهذ الثقة مبينة على ثقة ودراسة من قبل هذه الشركات وتنطلق من واقع مدروس”. يؤكد جابر، “دائما أقول اننا نصع تاريخ فلسطين، نحن نروج للفكرة التسوق داخل مركز تجاري في بلد تعود تاريخيأ ومنذ الآف السنين على التسوق في أسواق مفتوحة ومن ثم محل تجارية داخل أسواق مكشوفة وحرة، نحن في مكان عاشت فيه حضارات قديمة ومدن تجارية قديمة، وأسواق تاريخية. نحن نواجه هذا التحدي ولكننا لمسنا بوادر وعناصر النجاح. تعميم ثقافة ان تخرج الناس من السوق القدم الى مول حديث كان أصعب خطوة وها نحن نلمس نتائج محاولتنا بتحقيق تقدم كبير من اقبال كبير من المستثمرين المحليين”.

البنية التحتية تساعد

يرد جابر على سؤالنا عن الصعوبات والتحديات التي تواجهه في ظل واقع الاحتلال ومن بينها البنية الأساسية بالقول: “نحن في فلسطين نواجه مشاكل في البنية التحتية من كهرباء وماء وطرق نتيجة وجود الاحتلال ولكن بالعزيمة والإصرار نستطيع التغلب على هذه المشاكل.

يقول جابر: “نجاح مشاريعنا في الداخل هو نجاح لإيجاد فرص عمل وتوفير المستلزمات الضرورية لخمس ملايين يعيشون ظروف الاحتلال، مشاريعنا فلسطينية وطنية وهي مشاريع تجارية غايتها الربح كأي استثمار، وهذا طبيعي لأن فشل اي استثمار يعني أنه لن يكون باستطاعتنا تقديم الدعم والمساندة لشعبنا في الداخل، اذا فشلت المشاريع فلن يكون في وسعنا خدمة المجتمع. تضم مؤسستنا 250 مهندسأ من الشباب الفلسطيني وهؤلاء كانوا من الممكن أن يكونوا عاطلين عن العمل وهذا جزء من مسؤوليبنا الاجتماعية ونقل الخبرة لمن هم في إلداخل، كذلك سوف نقوم من خلال المول بتوفير بيئة عمل للشباب اصحاب الأفكار الجيدة للاستثمار في مشاريع واعدة.

شراكة ماك آرثر

عندما فكرنا بالمول كنا نعرف ان الموضوع الرئيسي يتعلق بالإدارة من قبل شركة عالمية خبيرة نحن لدينا خبرة البناء ونعرف خصوصية المكان ولدينا شبكة علاقات مع مستثمرين محليين، ولكننا بحاجة إلى خبرة الإدارة في عالم مراكز التسوق، لذلك فقد اتفقنا مع شركة “ماك آرثر” وهي متخصصة بإدارة المراكز التجارية العالمية، لتولي موضوع الإدارة، وكان شرطنا عليهم ان تكون الإدارة العليا من خبرات عالمية أما باقي الموظفين والإداريين فمن الشباب الفلسطيني يأتون إلى دبي ويتم تقديم الخبرة لهم للعمل في اقسام المول المختلفة.

وكانت “لاكاسا القابضة” قد أعلنت عن تسليم إدارة مول فلسطين رسميأ لشركة “ماك آرثر” وشركاءه البريطانية العريقة لإدارة الأمور التجارية الخاصة بالمركز التجاري. ويأتي قرار تعيين شركة “ماك آرثر” وشركاءه لإدارة المركز التجاري من خبرة مهندسي “لاكاسا القابضة” في التعامل مع مستشارين تجاريين في عدة مشاريع ضخمة في المنطقة.

وقال المهندس عماد جابر; “يهمنا كثيرآ أن نعلن تعيين شركة “ماك آرثر” وشركاءه كإستشاريين لإدارة المحال والعمليات التجارية، بما يشمل الإشراف وتقديم الدعم اللازم في أدق الأمور”.

واضاف جابر: “إن خبرة الشركة الاستشارية في هذا المجال مميزة ومتقدمة جدا، ونحن نتطلع للعمل معهم خلال العام المقبل لخلق وجهة تجارية بارزة وتجربة فريدة من نوعها لزبائننا”.

أسواق خارجية

حول توسعات وخطط “الاساكا”  في المستقبل، يقول جابر:”نخطط لمرحلة ما بعد 2020 حيث سنكون قد اتممنا مشاريعنا في الإمارات كما ينبغى، بعد ذلك سنركز على الأسواق الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحاليأ نعمق على مشروع مهم في أوغندا وهو عبارة عن فندق من خمسة نجوم،

وحول العمل في سورية قال جابر : “مرحلة إعادة الإعمار في سورية قادمة وقريبة، سنشارك في بناء العديد من المشاريع هناك، لدينا مكتب في سورية وهو مكتب استمر خلال سنتين من عمر الأزمة في سورية، عندنا هناك اكثر من 75 مهندس.

نحن نعتقد أن الوضع سيتحسن وسنقوم بإعادة خططنا للعمل هناك. سورية واعدة لقطاع الأعمال، ومن خلال مركزنا الرئيسي في دبي سنقوم بدعم كافة مشاريعنا في الدول الأخرى”. ومن ضمنها سورية وليبيا واليمن مستقبلا.

دبي نقطة انطلاقنا

يتحدث جابر غن دبي بكثيرمن الامتنان والعرفان بالجميل فهيالمدينة التي أعطت شركته الخبرة والقوة والاستمرار والنجاح، يقول: “انتمائي فلسطيني والهوى إماراتي”، ففي دبي تتواجد أهم الشركات العالمية التي طورت مشاريع عملاقة ومعقدة وتضاهي أفضل ما هو موجود عالمياً، وتوفر دبي حزمة من التسهيلات وبيئة استثمارية ناضجة بعناصرها وقوانينها، من حيث البنية الأساسية والتشريعية والمالية، وتتوفر في دبي أفضل الخبرات والموارد البشرية، وفي دول أخرى ستواجه أي مستثمر صعوبات وعقبات ليست موجودة في دبي، ونحن نتطلع للسوق السعودية بكثير من الاهتمام، خاصة بعد رؤية السعودية 2030 السوق السعودية كبيرة ومليئة بالفرص وحاليا نتفاوض مع شركة عقارية سعودية لإطلاق مشروع كبير، نأمل أن نأخذ هذا المشروع وسيكون لدينا تواجد قوي من خلاله في واحدة من أهم أسواق المنطقة”

بوكس

ولد المهندس عماد جابر مؤسس ورئيس مجلس ادارة شركة “لاكاسا القابضة”، عام 1961 في بلدة ترمسعيا شرق مدينة رام الله، درس في مدارس البلدة وتخرج منها عام 1979 ليكمل تعليمه لاحقا في جامعة اليرموك الأردنية وتخصص في مجال الهندسة وتخرج عام 1984، ومن ثم انتقل للعمل فى مدينة دبى. 

بدا حياته العملية في دبي كمهندس، ليتدرج بعدها في مختلف المناصب حتى استلم منصب مدير مكتب هندسي، وفي عام 2006 قرر فتح مكتبه الهندسي الخاص في دبي

 يقول جابر:” يعمل اليوم أكثر من 350 مهندسا في الشركة بأكثر من فرع في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا (دبي والسعودية وقطر) وقريبا جدا في سوريا وليبيا والسودان وتونس”.

ويعمل جابر من خلال شركته على إنجاز أكبر مشروع تجاري في فلسطين “مول فلسطين التجاري”، الذي سيرى النور خلال الربع الأول من العام المقبل 2019، بعد أن أسس عددا من الأعمال المختلفة والمتنوعة في وطنه.

يقول جابر: “الاستثمار في وطني فلسطين يعد من أكبر أولوياتي واهتماماتي، حيث بدأت في الاستثمار هنا منن عام 2007 بمشاريع عانلية صغيرة ومن ثم توسعت اسشاراتي لمشاريع شقق مميزة، وحاليا نعمل على إنشاء اكبر مشروع تجاري وهو مشروع “مول فلسطين التجاري” الذي يعد من أكبر مشاريع الشركة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، كما أن هناك أفكارا جديدة سيتم اكمل عليها مستقبلا”.