تجديد وثيقة تضمن استمرار العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية

تاريخ النشر

تل أبيب-أخبار المال والأعمال- جددت وزارة المالية الإسرائيلية التوقيع على وثيقة توفّر الحماية من الدعاوى القضائية أمام المحاكم الإسرائيلية، ضد بنكي "ديسكونت" و"هبوعليم" الإسرائيليين، اللذان لهما علاقات مالية مع البنوك الفلسطينية.

وأفادت مصادر إعلامية إسرائيلية، إن البنوك الإسرائيلية ستواصل تقديم خدمات تحويل الأموال للبنوك الفلسطينية (خدمات المراسلة)، بعد تمديد وزارة المالية الإسرائيلية وثيقة الحماية في آخر لحظة، حيث كانت تنتهي في أواخر شهر آذار/مارس الجاري.

وكانت صحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية، قد أشارت في تقرير، الخميس، إلى أن "البنوك الفلسطينية ستصبح معزولة عن الجهاز المصرفي الإسرائيلي، وعن العالم كله، بدءا من يوم الإثنين المقبل، في حال لم يعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اجتماعا للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) من أجل اتخاذ قرار يلتف على وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي قرر وقف التعامل بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية".

وأوضحت أن بنكي "ديسكونت" و"هبوعليم" هما اللذان ينفذان العلاقة بين البنوك الفلسطينية والجهاز المصرفي الإسرائيلي وكذلك المعاملات المالية بين البنوك الفلسطينية ودول العالم، وذلك لأن الشيقل هو العملة المتداولة في النظام الاقتصادي الفلسطيني.

ويطالب البنكان الإسرائيليان، منذ العام 2009، بوقف العلاقات مع البنوك الفلسطينية، بادعاء أن "البنوك الفلسطينية ترفض الانصياع لأنظمة منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعرضهما لمخاطر كبيرة كونهما يكفلان البنوك الفلسطينية".

وطالبت الحكومة الإسرائيلية البنكين بالاستمرار في هذه المعاملات مع البنوك الفلسطينية، ولذلك اتخذت ثلاث خطوات، الأولى: إقامة شركة حكومية إسرائيلية تكون مسؤولة عن العلاقات مع البنوك الفلسطينية، لكنها لم تبدأ بالعمل حتى الآن، والخطوة الثانية تتعلق بمنح البنكين تعهدين: حصانة من دعاوى جنائية في إسرائيل، وتعويض عن دعاوى مدنية تقدم ضدهما. وفي أعقاب الحرب على غزة ، طالب البنكان بزيادة مبلغ هذا التعويض.

وتمنح دائرة المحاسب العام في وزارة المالية الإسرائيلية هذا التعويض للبنكين الإسرائيليين، لكن سريانه ينتهي في 31 آذار/مارس الجاري، أي يوم الأحد المقبل.

وأشارت "ذي ماركر" إلى أن عدم تمديد سريان التعويض سببه قرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بمعاقبة الإدارة الأميركية التي فرضت عقوبات على مستوطنين شاركوا في اعتداءات إرهابية على فلسطينيين، ومعاقبة البنكين الإسرائيليين، "ديسكونت" و"هبوعليم"، بسبب تنفيذهما العقوبات الأميركية.

وبعد أن وصفت الإدارة الأميركية هؤلاء المستوطنين بأنهم إرهابيين، يتعين على جميع البنوك في العالم التي تلتزم بقوانين منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وقف أنشطة المستوطنين المالية. وأغلق البنكان الإسرائيليان حسابات المستوطنين.

في المقابل، أخطر مسؤولون أميركيون وزارة المالية الإسرائيلية بأن العقوبات الأميركية ضد المستوطنين لا تهدف إلى إجبار البنوك الإسرائيلية على إغلاق حسابات الأفراد المستهدفين.

وقالت المصادر إن هذا التوضيح، الذي تم إرساله في رسالة من مسؤولين أميركيين في وقت سابق من هذا الأسبوع، يهدف إلى تهدئة غضب سموتريتش بشأن حقيقة أن الأفراد الخاضعين للعقوبات فقدوا الوصول إلى الخدمات المصرفية المحلية، بسبب مخاوف من انتهاك العقوبات الأميركية.

وقامت العديد من البنوك بتجميد حسابات أولئك الذين فرضت عليهم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عقوبات في وقت سابق من هذا العام بعد أن قرر البيت الأبيض أن الحكومة الإسرائيلية تفشل بشكل منهجي في قمع عنف المستوطنين.

وأثارت العقوبات غضب سموتريتش، الذي وصفها بأنها عرقلة شديدة للسيادة الإسرائيلية، مهددا باتخاذ خطوات من شأنها أن تعرقل بشكل كبير الاقتصاد الفلسطيني. وبسبب خوفها من مثل هذه الإجراءات الانتقامية، وافقت الإدارة الأميركية على إرسال رسالة إلى وزارة المالية توضح فيها أن العقوبات لم يكن المقصود منها حرمان المستهدفين من كامل أصولهم.

ووفقا للتوضيح الأميركي، يجب السماح للأشخاص المذكورين في العقوبات بالوصول إلى حساباتهم المصرفية لأغراض العيش الأساسية. وأشارت الرسالة إلى أن المشتريات التي تتجاوز هذا النطاق، بما في ذلك المعاملات الأجنبية، ستظل محظورة، مما يمنح البنوك الإسرائيلية الموافقة على إعادة فتح حسابات مجموعة من المستوطنين المستهدفين جزئيا.

وذكرت صحيفة "ذي ماركر" أنه لوقف المعاملات بين البنكين الإسرائيليين والبنوك الفلسطينية عواقب وخيمة، بينها أن أي شركة إسرائيلية لديها علاقات تجارية مع السلطة الفلسطينية لن تتمكن من إيداع شيكات فلسطينية أو تلقي دفعات مالية من البنوك الفلسطينية. كذلك العمال الفلسطينيين، الذين ينبغي أن يتلقوا رواتبهم من خلال تحويلات مالية إلى بنوك فلسطينية وليس نقدا، لن يحصلوا على رواتبهم من خلال تحويلات وإنما نقدا فقط.

وأضافت الصحيفة أن السلطة الفلسطينية نفسها ستكون معزولة عن النظام المالي العالمي وعن الاقتصاد الإسرائيلي، "ما سيؤدي إلى انهيارها".

وتابعت الصحيفة أن تبعات ذلك على إسرائيل ستكون "كارثية"، لأنه "يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية"، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى "مقاطعة دولية للبنوك الإسرائيلية، بادعاء أنها تتعاون مع الحكومة بالتسبب بانهيار البنوك الفلسطينية، وقد تجد البنوك الإسرائيلية نفسها تخضع لحصار دولي. وإذا حدث هذا، سينهار الاقتصاد الإسرائيلي".

ووفقا للصحيفة، فإنه من الجهة الأخرى ستكون هناك شرعية للسلطة الفلسطينية بإصدار عملة مستقلة ومطالبة العالم بالاعتراف بها. "وهذه ستكون الخطوة الأولى نحو اعتراف العالم بدولة فلسطينية مستقلة".

وأشارت الصحيفة إلى أن البنكين الإسرائيليين ملزمان بإنذار البنوك الفلسطينية قبل شهر من قطع العلاقات معها، "لكن بسبب المخاطر الهائلة لتقديم دعاوى ضدهما، فإن التقديرات هي أن البنكين الإسرائيليين من شأنهما أن يفضلا خرق هذا البند مع البنوك الفلسطينية وقطع العلاقات بصورة فورية، منذ بداية الأسبوع المقبل.

وكانت الرئاسة الفلسطينية قد عقبت قبل أيام عن رفضها لما ورد من تصريحات لسموتريتش، بشأن رفضه تجديد التوقيع على وثيقة توفّر الحماية من الدعاوى القضائية ضد البنوك الإسرائيلية التي لها علاقة مع البنوك الفلسطينية، الأمر الذي يخالف الاتفاقات الموقّعة، بما فيها اتفاق باريس الذي ينظم هذه العلاقة.

وطالبت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية "باتخاذ القرارات الضرورية لوقف هذا العبث، خاصة في ظل ظروف الحرب الشاملة التي تشن على الشعب الفلسطيني، بما في ذلك اقتطاع وقرصنة الأموال الفلسطينية بحجج غير قانونية ومرفوضة".